المقدّمة
فاعلم أنّ المسلمين أجمعوا كافّة ـ إلّا شاذّا لا يعبأ به (١) ـ على وجوب الإمامة والخلافة بعد النبوّة ، واستقصاء البحث فيه موكول إلى الكتب الكلاميّة (٢). وإنّما أذكر هنا نبذا من تلك المباحث العلميّة والمصارع العدليّة.
ثمّ اختلفوا في أنّ وجوب الخلافة عن النبوّة : هل هو من باب الفروع أو الأصول؟ فذهب جمهور العامّة إلى أنّها من الفروع (٣).
إمّا لأنّها مقدّمة السياسات الشرعيّة من الحدود وغيرها الواجبة علينا ، ضرورة (٤) عدم إمكانها إلّا بنصب رئيس قاهر يعين عليها ، كما هو مذهب
__________________
(١) أنكر النجدات ـ وهم قوم من الخوارج أصحاب نجدة بن عامر ـ وجوب الإمامة ، وقالوا إنّها ليست بواجب أصلا. أنظر شرح المقاصد ٥ : ٢٣٥ ، ٢٣٦ ؛ شرح المواقف ٨ : ٣٤٥.
(٢) لاحظ مثلا : غياث الأمم ٢٢ ؛ الإمامة من أبكار الأفكار في أصول الدّين للآمديّ ٦٩ ؛ شرح المقاصد ٥ : ٢٣٥ ؛ الصواعق المحرقة ٧ و ٨ وفيه : إنّ الصحابة أجمعوا على أنّ نصب الإمام بعد انقراض زمن النبوّة واجب ، بل جعلوه أهمّ الواجبات. وجاء في شرح المواقف ٨ / ٣٤٦ : تواتر إجماع المسلمين في الصدر الأوّل بعد وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآله على امتناع خلوّ الوقت عن خليفة وإمام.
(٣) شرح المواقف ٨ : ٣٤٤ ، ٣٥٢.
(٤) اتّفق الشيعة الإماميّة على كون الإمامة أصلا من أصول الدّين ، وبرهنوا على ذلك في كتبهم الكلاميّة ؛ انظر : الإفصاح في الإمامة للشيخ المفيد ٢٧ ـ ٣١ ؛ نهج الإيمان ٣٣ ـ ٤٩.
أمّا أهل السنّة فقد صرّحوا بأنّ الإمامة ليست من الأصول. انظر : الاقتصاد في الاعتقاد للغزاليّ ٢٣٤ ؛ غاية المرام في علم الكلام ٣٦٣ ؛ شرح المواقف ٨ : ٣٤٤ ؛ المحصّل للرازيّ ٤٠٦.