الآية الأولى
من سورة البقرة : قوله تعالى لإبراهيم عليهالسلام : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) ١٢٤.
فإنّه لمّا جمع إبراهيم عليهالسلام معالي الخصال ، قال له تعالى : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) فتمنّى إبراهيم أن يجعله في ذرّيّته إلى يوم القيامة بقوله : (مِنْ ذُرِّيَّتِي) أي : واجعله بعض ذرّيّتي دائما ، وفي ذرّيّتي إلى يوم القيامة.
فأجابه تعالى إلى ذلك باستثناء الظالم بقوله (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (١). قوله :
__________________
(١) قال الطبريّ في تفسيره ١ : ٥٣٠ و ٥٣١ «ذكر من قال : لا يكون إمام ظالما : وهم : مجاهد وعكرمة وسفيان وابن عبّاس وغيرهم. وقال إسماعيل بن كثير في تفسيره ١ : ٢٩٤ الظالم لا يصلح أن يكون خليفة ولا حاكما ولا مفتيا ولا راويا. وقال الماورديّ أيضا في تفسيره «النكت والعيون» ١ : ١٨٥ : في تفسير قوله تعالى : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) : إنّ العاصي والظالم لا يستحقّ الإمامة. وجاء في تفسير الزمخشريّ ١ : ١٨٤ : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) عطف على الكاف ، كأنّه قال : وجاعل بعض ذرّيّتي ؛ كما يقال لك سأكرمك ، فتقول : وزيدا. (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) أي من كان ظالما من ذرّيّتك لا يناله استخلافي وعهدي إليه بالإمامة ، وإنّما ينال من كان بريئا من الظلم. وهذا دليل على أنّ الفاسق لا يصلح للإمامة ، وكيف يصلح لها من لا يجوز حكمه وشهادته ، ولا تجب طاعته ، ولا يقدّم للصلاة.
وعن ابن عيينة : لا يكون الظالم إماما قطّ ، وكيف يجوز نصب الظالم للإمامة والإمام إنّما هو لكفّ الظّلمة ، فإذا نصب من كان ظالما في نفسه فقد جاء المثل السائر : من استرعى الذئب ظلم.