(وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) معطوف على كاف «جاعلك». مثل قولهم : «زيدا» في [قولهم] «سأكرمك وزيدا» ففي الآية قصر الإمامة على ذرّيّة إبراهيم ، وبه بطل إمامة من ادّعى الإمامة من غير ذرّيّته (١) ، وأنّ الإمامة عهد من الله تعالى لا باختيار الأمّة كما يقوله المخالفون (٢) ، وبه بطل إمامة أبي بكر وأخويه مع أنّه كان مشركا و (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (٣) (٤).
ومنه بطل إمامته أيضا ، وبه استدلّ أصحابنا على بطلان دعواه الإمامة في الكتب الكلاميّة ، وثبت إمامة عليّ بن أبي طالب عليهالسلام بالإجماع المركّب ، وعدم القول بالفصل ، ولأنّه من الذرّيّة (٥). ولم يكن ظالما قطّ. ويؤيّد ما ذكرناه قوله
__________________
(١) ذلك أنّ الإمامة جعل من الله وعهد لا يناله من اتّصف بالظلم ، سواء كان ظالما لنفسه أو لغيره.
(٢) واستدلّوا بإجماع الأمّة ، وأنّه حجّة ، ومعلوم لمن له فطنة إنّه لم ينعقد [الإجماع المزعوم] ؛ لمخالفة عليّ وفاطمة وسلمان وأشياعهم ، ومع انعقاده لا يكون حجّة في المقام ، كما برهن عليه في كتب الأعلام. محمد حسين
(٣) لقمان : ١٣.
(٤) أسلم أبو بكر وهو ابن أربعين سنة. انظر : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٣ : ٢١٥ ، ٢٣٥ ، وروى الطبريّ في تاريخه ٢ : ٢١٥ بإسناد صحيح ورجال ثقات عن محمّد بن سعد بن أبي وقّاص. قال : «قلت لأبي : أكان أبو بكر أوّلكم إسلاما؟ فقال : لا ، ولقد أسلم قبله أكثر من خمسين».
(٥) كان أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام نفس الرّسول ، والمراد من «أنفسنا» في آية المباهلة هو عليّ عليهالسلام ، وقد جلّل النبيّ صلىاللهعليهوآله عليّا وفاطمة وابنيهما عليهمالسلام بكساء وقال : «اللهمّ هؤلاء أهل بيتي وحامّتي». انظر مناقب آل أبي طالب ٢ : ٢٤٦ ؛ مجمع البيان ٢ : ٤٥٢ ؛ شواهد التنزيل ١ : ١٥٥ ـ ١٦٧ ؛ مناقب عليّ بن أبي طالب لابن المغازليّ ٣١٨ ؛ المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٤٧ ؛ مصابيح السنّة ٢ : ٤٥٤ ؛ الصواعق المحرقة ١٤٣ ـ ١٤٦.
والروايات متظافرة في أنّه عليهالسلام من عترته : منها : الرواية المتواترة المشهورة قوله صلىاللهعليهوآله : «إنّي تارك فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي». انظر : مسند أحمد ٣ : ١٤ ، ١٧ ؛ و ٤ : ٣٦٦ ، ٣٧١ ؛ و ٥ : ١٨١ و ١٨٩ ؛ صحيح الترمذيّ ٥ : ٣٢٨ ؛ المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٤٨ ؛ الذرّيّة الطاهرة للدولابيّ ١٦٨. ـ