وعند علماء الجمهور أبو إسحاق الثعلبيّ في تفسيره عن ابن عبّاس : أنّ الشاهد هنا عليّ عليهالسلام ، وأنّه من رسول الله في القرب والنّسب.
وقال الثعلبيّ (١) ، عن زادان : سمعت عليّا عليهالسلام يقول : والّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، لو ثنيت لي وسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم ، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم ، وبين أهل الزّبور بزبورهم ، وبين أهل الفرقان بفرقانهم ، والذي نفسي بيده ما من رجل من قريش جرت عليه المواسي إلّا وأنا أعرف له آية تسوقه إلى الجنّة ، أو تقوده إلى النّار. فقال له رجل : يا أمير المؤمنين ، فما آيتك التي أنزلت فيك؟ فقال : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ).
ورواه أيضا ابن المغازليّ (٢) ، وابن جرير الطبريّ (٣) ، والحافظ أبو نعيم (٤). وقال الفخر الرازيّ (٥) ذلك من جملة تفسير الآية.
أقول : قول الفخر الرازيّ اجتهاد في مقابلة النصّ ، فإنّ النصّ إذا ورد في تفسير الآية من ثقات الفريقين بلا معارض ، فلا وجه لتفسيرها بغيره.
ثمّ أقول : حرّرنا في تعليقاتنا على الصافي في تفسير الآية هكذا : قوله (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) ومعناه : محمّد على بيّنة من ربّه وهو القرآن ، و «يتلوه» يعني هذا القرآن عليكم «شاهد» من محمّد من أهل بيته : عليّ وأولاده من أوصيائه ، ويؤيّده قوله تعالى في الأنعام (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) (٦) معناه : ومن بلغ إليه هذا القرآن من أوصيائي ، فينذركم به أيضا ، وتذكير الضمير
__________________
(١) تفسير الثعلبيّ ٥ : ١٦٢ ؛ انظر : تذكرة الخواصّ ١٦.
(٢) مناقب عليّ بن أبي طالب لابن المغازليّ ٢٧٠.
(٣) كتاب الولاية للطبريّ ٦٨ ؛ نهج الإيمان ٥٦٣ ؛ مناقب ابن شهرآشوب ٣ : ١٠٣.
(٤) النور المشتعل من كتاب ما نزل ١٠٦.
(٥) التفسير الكبير ١٧ : ٢٠٠.
(٦) الأنعام : ١٩.