قوله : ويساوق الشيئية. ٣٢ / ٧
اي يلازم الوجود المطلق الشيئية كما فسّر الشارح. وسيأتي في المسألة الثامنة عشرة أن الشيئية من المعقولات الثانية ، وفي المسألة السادسة والثلاثين أن الوجود من المعقولات الثانية فتبصّر. وانما عبّر بالمساوقة اشارة الى تغاير الوجود والشيء مفهوما وتلازمهما خارجا وسيأتيك في السادسة من ثاني هذا المقصد ما يعينك في المساوقة بمعني التلازم. ثم ان القول بالثبوت ان كان اصطلاح القوم على أن يسمي الصورة العلمية ثبوتا ، والخارجية وجودا فلا مشاحّة فيه والّا فالمنازع مكابر مقتضي عقله والواسطة بين الموجود والمعدوم في الخارج في غاية السخافة.
واعلم ان الداعي لهم على هذا القول امران.
الأوّل وهو الأهم في نظرهم تصحيح مسألة العلم الأزلي اذ قالوا لو لم يكن في الازل وجود الاشياء ولا ماهيّتها امتنع العلم ولو كان وجودها فيه لزم قدمها فبقي أن يكون الممتنع لزوم موجود قديم سوى الله لا ثابت قديم على انه وجب قدم علمه تعالى كصفاته الاخرى.
والثاني تصحيح الامكان للماهيات لانها في حال الوجود محفوفة بالضرورتين فلا بد أن تكون الماهيّة ثابتة قبل الوجود ليصح الامكان.
واقول أن الماهيات في اصطلاح الحكيم هي الاعيان الثابتة في اصطلاح العارف وهي الصور العلمية بوجودها الأحدي الذي هو عين الذات الصمديّة ويتراءى من اقوال هذا الفريق القائلين بالفرق بين الثبوت والوجود كما اشرنا إليه ، أن الوجود هو العين المقابل للعلم ، وإلّا فالأمران كلّ واحد منهما وهم ومسألة العلم اشرف من هذه الآراء الفائلة وبمعزل عنها بمراحل كما سنشير إليها في محلّها. ثم يكفي في امكان الماهيات سلب الضرورتين عن مرتبة ذاتها عند العقل وانفكاكها عن الوجود بالتعمل العقلي وان كان تخليتها عن الوجود عين تحليتها به.
ويؤيّد ما اشرنا إليه من أن الفرق المذكور مجرد اصطلاحهم على ذلك ما قاله الشارح القوشجي في المقام من ان المعتزلة ذهبت الى ان المعدوم الممكن شيء وثابت على معنى أن الماهية يجوز تقررها في الخارج منفكّة عن الوجود خلافا لسائر المتكلمين والحكماء مع اتفاقهم على أن الممتنع ويخصّه المعتزلي باسم المنفي ، ليس بشيء. فهم يجعلون الثبوت مقابلا للنفي أعم من الوجود والعدم اعم من النفي.
ولعلهم انما وقعوا فيه بما وقع الحكماء في اثبات الوجود الذهني وهو انّا نحكم حكما ايجابيا بامور