كل ما هو ممكن وجوده كالبصر يمكن عدمه وهو العمى. وكذلك يحكم على العدمين بغير ذلك من الاحكام ويميز احدهما من الآخر.
قوله : على ما تقدم. ٦٨ / ١
تقدم في المسألة التاسعة عشرة حيث قال : وقد يتمايز الاعدام الخ. ثم التحقيق في المقام ان يقال : بالوجود ـ اي بالوجود الصمدي الذي هو متن الأعيان وحقيقة الحقائق وجوهر الجواهر ـ يتحقق الضدان ويتقوم المثلان بل هو الذي يظهر بصورة الضدّين وغير هما ويلزم منه الجمع بين النقيضين لان كلا من الضدين يستلزم سلب الآخر فالضدان يؤولان الى النقيضين من هذا السلب مثلا ان الالم والراحة ضدّان ليسا بنقيضين ولما كان كل منهما يستلزم عدم الآخر يطلق اسم النقيضين عليهما أيضا كانه يقال الراحة وعدمها والالم وعدمه. واختلاف الجهتين انما هو باعتبار العقل للمفهومين او الماهيتين وأمّا في الوجود فتتّحد الجهات كلّها فان الظهور والبطون وجميع الصفات الوجوديّة المتقابلة مستهلكة في عين الوجود فلا مغايرة الّا في اعتبار العقل. والصفات السلبية مع كونها عائدة الى العدم مفهوما وذلك العدم هو سلب الامكان والنقص ، أيضا راجعة الى الوجود من وجه وذلك الوجه هو إما تأكد الوجود وتوحّده الصمدي ، واما انبساط الوجود الي العدم لأن الأعدام المتمايزة بعضها عن البعض تمايزها أيضا باعتبار وجوداتها في ذهن المعتبر لها أو باعتبار وجود ملكاتها لا أن لها ذوات متمايزة بذواتها. فكل من الجهات المتغائرة من حيث وجودها العقلي عين باقيها لأن الصفات الكمالية من الحياة والعلم والإرادة والقدرة وغيرها تدور مع الوجود حيثما دار ولا تنفك عنه تحقّقا بل هو عينها فكل واحدة منها عين باقيها بوجودها الأحديّ فافهم.
ثم نقول ولكون الضدين مجتمعين في عين الوجود يجتمعان أيضا في العقل اذ لو لا وجودهما فيه لما اجتمعا فيه وعدم اجتماعهما في الوجود الخارجي الذي هو نوع من انواع الوجود المطلق لا ينافي اجتماعهما في الوجود من حيث هو هو. فتدبّر.
فالوجود الحق المطلق اي المطلق عن الاطلاق والتقييد على ما ذهب إليه المحققون من اهل التوحيد حقيقة واحدة ذات شئون وشجون ولكل شأن حكم لا يتجافى عنه من حيث ان ذلك الحكم حكم ذلك الشأن وان كان كل رقيقة محاكية عن حقيقتها وكل حقيقة هي واجدة كمال رقائقها مع ما هي عليها من الزيادة فالوجود المطلق الحق منصبغ بتلك الأحكام في عزّ وحدته وغناه الذاتي والانصباغ في الحقيقة هو الاتّصاف الوجودي الأحدي ولذا قال بعض مشايخ التوحيد