المطلب الثاني
مجمل عقيدة أهل السنّة في باب القدر
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمهالله ـ مجملا مذهب أهل السنّة والجماعة في هذا الباب ما يلي : «مذهب أهل السنّة والجماعة في هذا الباب وغيره ما دل عليه الكتاب والسنّة ، وكان عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ، والذين اتبعوهم بإحسان ، وهو أن الله خالق كل شيء وربه ، ومليكه ، وقد دخل في ذلك جميع الأعيان القائمة بأنفسها ، وصفاتها القائمة بها ، من أفعال العباد ، وغير أفعال العباد.
وأنه ـ سبحانه ـ ما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن ، فلا يكون في الوجود شيء إلّا بمشيئته ، وقدرته ، لا يمتنع عليه شيء شاءه ، بل هو قادر على كل شيء ، ولا يشاء شيئا إلا وهو قادر عليه ، وأنه ـ سبحانه ـ يعلم ما كان ، وما يكون ، وما لم يكن لو كان كيف يكون.
وقد دخل في ذلك أفعال العباد وغيرها ، وقد قدّر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلقهم ، قدّر آجالهم ، وأرزاقهم وأعمالهم ، وكتب ذلك ، وكتب ما يصيرون إليه من سعادة وشقاوة ، فهم يؤمنون بخلقه لكل شيء ، وقدرته على كل شيء ، ومشيئته لكل ما كان ، وعلمه بالأشياء قبل أن تكون ، وتقديره لها ، وكتابته إياها قبل أن تكون» (١).
والأدلة على هذا من الكتاب والسنّة وكلام سلف الأمة مما لا يحصى إلّا بمشقة.
ويمكن تقسيم الأدلة إلى ثلاثة أقسام :
أولا : الأدلة العامة من القرآن الكريم.
__________________
(١) «مجموع الفتاوى» (٨ / ٤٤٩ ، ٤٥٠).