المبحث الأول
موضوع الكتاب
تمهيد :
لم يزل الناس في حياة رسولنا صلىاللهعليهوسلم يؤمنون بالقدر خيره وشره حلوه ومره ، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، وما لم يكن لو كان كيف سيكون ، وأنّ الله قدر الأشياء في القدم ، وعلم سبحانه أنّها ستقع في أوقات معلومة عنده ، وعلى صفات مخصوصة وكتب ذلك في اللوح المحفوظ ، وأنّه شاء وأراد وقوعها ، ويؤمنون أن العباد فاعلون حقيقة لأفعالهم ولهم قدرة عليها ولهم إرادة ، والله خالقهم وخالق قدرتهم وإرادتهم كما قال تعالى : (لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (١) (٢).
وعلى ذلك استقام الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ في حياته صلىاللهعليهوسلم ، وبعد مماته.
قال العلامة ابن قيم الجوزية ـ رحمهالله تعالى ـ «ثم تلاه أصحابه من بعده على نهجه المستقيم ، وطريقه القويم ، فجاءت كلماتهم كافية شافية مختصرة نافعة لقرب العهد ومباشرة التلقي من تلك المشكاة التي هي مظهر كل نور ، ومنبع كل خير ، وأساس كل هدى» (٣).
ثم سلك آثارهم التابعون لهم بإحسان ، فاقتفوا طريقهم وركبوا منهاجهم ، واهتدوا بهداهم ، ودعوا إلى ما دعوا إليه ، ومضوا على ما كانوا عليه».
__________________
(١) سورة التكوير ، الآية رقم (٢٨ ، ٢٩).
(٢) انظر : «الواسطية» (ص ٧٠) ، و «شفاء العليل» (ص ١٨).
(٣) «شفاء العليل» (ص ١٨).