المتعلق الثاني : بالعبد نفسه
فهل له قدرة وإرادة واستطاعة على فعله؟ وهل هذه القدرة مؤثرة أم لا؟
وهنا اختلف أهل الأهواء إلى أقوال متعددة كان منها : ـ
القول الأول : قول المعتزلة القدرية.
قالوا : إن للعبد قدرة وإرادة واستطاعة على فعله ، وهذا حق ، وكونهم زعموا أن هذه القدرة والاستطاعة مستقلة عن إرادة الله وقدرته الشاملة ، وأنّهم هم الخالقون لأفعالهم! ومن قال إنّ الله خالق أفعال العباد فقد عظم خطؤه عندهم (١)!!
القول الثاني : قول الجهميّة الجبرية
وهؤلاء زعموا أن لا قدرة للعبد ولا إرادة ولا اختيار ولا استطاعة له على فعله البتة ، وأن العباد مجبورون على أفعالهم ، وإنّما حركاتهم كحركة الأشجار عند هبوب الرياح ، وكحركات الأمواج وأنّهم على الطاعة والمعصية مجبورون ، وأنّهم غير ميسّرين لما خلقوا له ، بل هم عليه مقسورون مجبورون ، وإنّما تنسب أفعالهم إليهم على سبيل المجاز (٢) ، ولسان حالهم أو قالهم قول الأول :
ألقاه في اليم مكتوفا وقال له : |
|
إياك إياك أن تبتل بالماء |
وهذا القول «إن لم يكن شرا من القدرية فليس هو بدونه في البطلان.
وإجماع الرسل واتفاق الكتب الإلهية وأدلة العقول والفطر والعيان يكذّب هذا القول ويردّه ، والطائفتان في عمى عن الحق القويم والصراط المستقيم» (٣).
__________________
(١) هذا ما يقوله أحد طواغيتهم وهو : عبد الجبار الهمذاني في كتابه المسمى ب «المغني».
(٢) «شفاء العليل» (ص ١٤٦).
(٣) «شفاء العليل» (ص ١٤٦).