قبل وجودها ولم يقدرها قبل وقوعها فضلا عن كتابتها ، وقولهم هذا هو الكفر بالله ـ عزوجل ـ ؛ ولذا كفّر الصحابة ومن تبعهم أصحاب هذا القول ، ومنكروا هاتين المرتبتين اليوم قليل (١).
المرتبة الثالثة : مرتبة الإرادة والمشيئة :
وفي الإيمان بأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وأن ما في السموات وما في الأرض من حركة ولا سكون إلّا بمشيئة الله ـ سبحانه ـ ولا يكون في ملكه إلّا ما يريد (٢).
قال العلامة ابن قيم الجوزية : «وهذه المرتبة قد دل عليها إجماع الرسل من أولهم إلى آخرهم ، وجميع الكتب المنزلة من عند الله ، والفطرة التي فطر الله عليها خلقه ، وأدلة المعقول والعيان ، وليس في الوجود موجب ومقتض إلّا مشيئة الله وحده فما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن هذا عمود التوحيد الذي لا يقوم إلّا به والمسلمون من أولهم إلى آخرهم مجمعون على أنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن» (٣).
والأدلة على هذه المرتبة من القرآن والسنة لا تحصى إلّا بمشقة ، ولكن أذكر منها :
أولا : الأدلة من القرآن الكريم :
١ ـ قوله تعالى : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٤).
٢ ـ قوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً) (٥).
٣ ـ قوله تعالى : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٦).
٤ ـ قوله تعالى : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ
__________________
(١) «العقيدة الواسطية» (ص ١٦٤) ، و «مجموع الفتاوى» (٨ / ٥٦).
(٢) «العقيدة الواسطية».
(٣) «شفاء العليل» (ص ١٢٥).
(٤) سورة يس ، الآية رقم (٨٢).
(٥) سورة يونس ، الآية رقم (٩٩).
(٦) سورة آل عمران ، الآية رقم (٢٦).