المطلب الثالث
مراتب القدر
دل الكتاب والسنة على أن الإيمان بالقضاء والقدر يقوم على أربعة مراتب لا يتم الإيمان بالقدر إلّا بمجموعها ، ومن لم يؤمن بها لم يؤمن بالقضاء والقدر ، وهي :
١ ـ العلم السابق بالأشياء قبل كونها.
٢ ـ كتابته لها قبل كونها.
٣ ـ مشيئته لها.
٤ ـ خلقه لها (١).
الأدلة التفصيلية لمراتب القدر.
١ ـ المرتبة الأولى : العلم السابق.
والمراد بهذه المرتبة «الإيمان بعلم الله ـ عزوجل ـ بكل شيء من الموجودات والمعدومات والممكنات والمستحيلات ، فعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون ، وأنّه علم ما الخلق عاملون قبل أن يخلقهم ، وعلم أرزاقهم وآجالهم وأحوالهم وأعمالهم في جميع حركاتهم وسكناتهم وشقاوتهم وسعادتهم ، ومن هو منهم من أهل الجنّة ، ومن هو من أهل النّار من قبل أن يخلقهم ، ومن قبل أن يخلق الجنّة والنّار ، علم دقيق ذلك وجليله ، وكثيره وقليله ، وظاهره وباطنه ، وسره وعلانيته ، ومبدأه ومنتهاه ، كل ذلك بعلمه الذي هو صفته ومقتضى اسمه العليم الخبير عالم الغيب والشهادة علّام الغيوب» (٢).
والأدلة على هذه المرتبة من القرآن والسنة أكثر من أن تستقصى ومنها :
__________________
(١) «شفاء العليل» (ص ٢٩).
(٢) «معارج القبول» (٣ / ٩٢٠).