الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ، وإنّ أحدكم ليعمل بعمل أهل النّار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنّة فيدخلها» (١).
التقدير الرابع : التقدير الحولي في ليلة القدر ، يقدر فيها كل ما يكون فى السنة إلى مثله. ودليله قوله تعالى : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) (٢).
التقدير الخامس : التقدير اليومي.
وهو سوق المقادير إلى المواقيت التي قدرت لها فيما سبق.
ودليله قوله تعالى : (يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) (٣).
«ثم هذا التقدير اليومي تفصيل من التقدير الحولي ، والحولي تفصيل من التقدير العمري عند تخليق النطفة ، والعمري تفصيل من التقدير العمري الأول يوم الميثاق ، وهو تفصيل من التقدير الأزلي الذي خطه القلم في الإمام المبين ، والإمام المبين هو من علم الله ـ عزوجل ـ وكذلك منتهى المقادير في آخريتها إلى علم الله ـ عزوجل ـ فانتهت الأوائل إلى أوليته وانتهت الأواخر إلى آخريته (وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى) (٤)» (٥).
وهاتان المرتبتان «العلم» و «الكتابة» اتفق عليها الرسل والأنبياء من أولهم إلى خاتمهم واتفق عليها الصحابة ومن تبعهم من هذه الأمة (٦) ، ولم يخالف فيها إلّا غلاة القدرية الأوائل الذين زعموا أن الأمر أنف وأنّ الله ـ تعالى عمّا يقولون علوا كبيرا ـ لا يعلم الأشياء
__________________
(١) أخرجه البخاري في «كتاب القدر» () ، ومسلم في «كتاب القدر» (٢٦٤٣).
(٢) سورة الدخان ، الآية رقم (٤).
(٣) سورة الرحمن ، الآية رقم (٢٩).
(٤) سورة النجم ، الآية رقم (٤٢).
(٥) «معارج القبول» (٣ / ٩٣٩ ، ٩٤٠).
(٦) «شفاء العليل» (ص ٩١).