وارتفاع الجزء لا يوجب ارتفاع الجزء الآخر ولكن لا يخفى ان الجزء الباقى هو الجنس ومن الواضح ارتفاعه بارتفاع فصله فلو بقي يلزم تحققه بلا فصل وهو ممنوع ، واما الدلالة الالتزامية فتحتاج الى تحقق الملازمة بين النسخ وبقاء الجواز ولا ملازمة بينهما كما هو واضح ، ولذا لو صرح المولى ببقاء الحرمة بعد نسخ الوجوب لم يكن مناقضا هذا والانصاف ان ذلك يلتزم به فيما اذا كان لدليل الناسخ حكومة ونظر بنحو يرفع جميع مراتب المنسوخ. واما لو لم يكن كذلك بل له حكومة يرفع بعض مراتبه كرفع الالزام مثلا فيؤخذ بظهور دليل المنسوخ ويثبت الرجحان بل لو شك في مقدار رفع دليل الناسخ فيؤخذ بالقدر المتيقن فيه وهو حمله على نفس الالزام ويؤخذ بظهور دليل المنسوخ ويثبت الرجحان ولا يسرى اجماله اليه.
اللهم إلّا ان يقال بان مقتضى اطلاق دليل الناسخ هو نفى جميع مراتب الارادة الشديدة التى هي منشأ الوجوب فان ذلك لا يحتاج الى مئونة زائدة بخلاف نفى بعض مراتبه الذى هو الشدة مثلا فانه يحتاج الى مئونة زائدة فاثبات الرجحان مع الاذن في الترك الذى هو الاستحباب او الاباحة التى هي تساوى الفعل والترك يحتاج الى دليل. هذا كله حال الدليل الاجتهادي ، واما الدليل الفقاهتي فنقول لو لم يكن اطلاق لدليل الناسخ ، لا لدليل المنسوخ ووصلت النوبة الى الاصل العملى فقد توهم ان الاستصحاب يجري بدعوى ان الجواز كان متحققا في ضمن الوجوب وبعد ارتفاع الوجوب بدليل النسخ يشك فى رفع الجواز فيستصحب بقاؤه ولكن لا يخفى ان هذا من قبيل القسم الثالث من استصحاب الكلي لان الجواز يثبت فى ضمن الاحكام الاربعة غير التحريم ولا اشكال فى تباينها فمع العلم بارتفاعه بمقتضى النسخ فى ضمن الوجوب واحتمل ثبوته في ضمن الاباحة او الاستحباب فيكون