نعم لا مانع من صحة اطلاق المطلق من حيث الحالات. ثم لا يخفى ان النكرة تطلق على اسم الجنس باعتبار كونها حاكية عن نفس الطبيعة العارية عن أداة التعريف بلام أو غيره كما هو المعروف عند علماء العربية أن اسم الجنس نكرة فى قبال علم الجنس أو المعرف بلامه فحينئذ يكون هذا الاطلاق على اسم الجنس القابل للصدق على كثيرين صدقا عرضيا وبهذا الاطلاق تمتاز النكرة عن الفرد المنتشر لكونها أوسع منه إذ لا يطلق الفرد المنتشر على الاطلاق الثاني بل ربما يقال بان تعريفها بالمعنى الثاني يغاير تعريفها بالمعنى الأول حيث انها على الثاني تكون من الماهيات البسيطة ويكون تعريفها كعلم الجنس أو المعرف بلامه قابلا للانطباق على كثيرين انطباقا عرضيا بخلاف تعريفها على المعنى الاول فانه غير صالح للصدق على كثيرين وهو المعبر عنه بالفرد المعين.
كما أن النكرة تطلق على الفرد المعين كما لو قال جاءني رجل حيث أن الأخبار تحكي عن واقع معلوم.
فتحصل مما ذكرنا أن النكرة لها اطلاقات ثلاث تطلق على الفرد المنتشر وعلى مفهوم اسم الجنس ، وعلى الفرد المعين ، وعلى الأولين يطلق عليها اسم المطلق لقبولها الانطباق على كثيرين في قبال المعنى الاخير غير قابل للانطباق عليها ، غاية الأمر أن الاطلاق بالمعنى الأول قبولها للانطباق على كثيرين انطباقا بدليا ، وعلى الثاني انطباقا عرضيا. ومما ذكرنا ظهر الفرق بين جئني برجل وجاءني رجل فان الأخبار تحكي عن واقع معلوم والانشاء لا يحكيه بل يتعلق برجل لا تعين له فى عالم الخارج فالفرق بينهما ناشئ من الخصوصية الكلامية وهي لا توجب تغايرا في الحقيقة والذات كما لا يخفى.