على الزجر والردع نحو الطبيعة فلو كان مفاد صيغة النهي طلب ترك الفعل لزم ان لا تكون صيغة النهي كصيغة الامر من المشتقات حيث لم تكن لها هيئة تدل على ربط المادة كما كان ذلك في صيغة الامر.
وبالجملة ان جعلنا صيغة النهي احدى صيغ المشتقات وهي مركبة من مادة وهيئة مادتها تدل على نفس الطبيعة وهيئتها تدل على امر ربطي يقوم بالمادة واما ان لم تكن كذلك خرجت صيغة النهي من صيغ المشتقات وبالجملة مفاد المادة في الامر والنهي الحكاية عما في الخارج فيكون متعلق الامر عبارة عن البعث نحو المادة التى ترى خارجية وفي النهي عبارة عن الزجر نحو المادة اذ هذا المعنى يقبل لان يتعلق بالوجود فيكون مفاد النهي كالامر مقدورا فلا حاجة الى ما ذكر من جعل المراد من العدم الازلي ابقاؤه.
فظهر مما ذكرنا حيث قلنا بان المادة انما هي ملحوظة مرآتا للخارج في الامر والنهي فالوجود حينئذ يكون مأخوذا فيهما فهما مشتركان في ذلك وانما المائز بينهما هو اخذ البعث فى مفاد هيئة الامر (١) والزجر فى مفاد هيئة النهى فهما يتفقان في المادة ويفترقان بالنسبة الى الهيئة ومن ذلك ظهر فساد اخذ العدم في حقيقة النهي والوجود فى حقيقة الامر اذ ذلك يوجب ان يكون التمايز بينهما بحسب المتعلق وذلك انما يتم لو لم يؤخذ المتعلق بنحو المرآة لما فى الخارج وبالجملة اخذ المتعلق بنحو المرآة لما في الخارج يوجب اتفاقهما في اخذ الوجود فيهما ولازمه ان يكون بينهما تغاير في دلالة الهيئة ففي هيئة الامر دلالة على البعث نحو المادة وفي النهي دلالة على الزجر عما تقتضيه المادة فافهم وتأمل.
__________________
(١) لا يخفى ان المادة فى الامر والنهى انما هى نفس الطبيعة ويستفاد الوجود