ولذا قلنا بصحة الصلاة في المكان المغصوب مع النسيان والجهل قصورا ولا تعد هذه المسألة من ذلك الباب وانما تعد من باب التعارض لكون الفساد لما كان تابعا لواقع النهي فيكون ناشئا عن قصور في الاقتضاء ومع كونه كذلك يكون التكاذب في عالم الاقتضاء ولازمه خروجه عن باب التزاحم على انه لو قلنا بان تلك المسألة من باب التعارض بدعوى ان التعارض فى الفعلية يوجب التكاذب بين الأمر والنهي الذي هو ملاك التعارض مع تحقق الفرق بين المسألتين بتقريب ان المسألة السابقة التكاذب في فعلية الحكم وهذه المسألة التكاذب فى مقام الاقتضاء ويظهر الفرق بينهما في الجهل قصورا بالنهي لفعلي من حيث الصحة والفساد كما لا يخفى.
الأمر الثاني ان الاقتضاء في العنوان يمكن ان يراد منه الاقتضاء في مقام الثبوت بمعنى ان مدلول النهي بذاته يستلزم الفساد اذا كان عبادة فتكون المسألة من المباحث العقلية ويمكن ان يراد منه الاقتضاء فى مقام الاثبات فيكون البحث فى المقام بحثا لفظيا والظاهر هو الثاني لشمول البحث فى هذه المسألة لما كان النهي ارشادا الى عدم المشروعية بلا مبغوضية فى المتعلق فيختص البحث في ذلك بدلالة اللفظ فتكون هذه المسألة من مباحث الالفاظ وحينئذ يكون النهي فى العنوان يعم النهي الحقيقي الكاشف عن المبغوضية والمفسدة في المتعلق والنهي الارشادي الكاشف عن عدم المشروعية.
الأمر الثالث ان الظاهر من كون النهي يقتضي الفساد انه بمدلوله يقتضي عدم المصلحة اما لكون المفسدة ملازمة لذلك العدم او لكون النهي بذاته يدل على نفس العدم وذلك لا يقتضي وجود مقتض للصحة في المتعلق.