ان المقدمات العقلية ليس فيها بعث وخطاب بخلاف الشرعية إلّا ان يدعى ان في العقلية منها بعثا حيث ان البعث لا يختص بالدلالة المطابقية بل يشمل حتى الدلالة الالتزامية فيتحقق الانبعاث نحو الشيء ولكن يمكن منع هذه الدعوى بعدم تحقق الدلالة الالتزامية للبعث نحو الشيء وكيف كان فالمشهور جعلوا التقسيم راجعا الى واقع الارادة فلذا لا معنى لتثليث الاقسام عندهم ولذا دفعوا الاشكال المذكور بقاعدة الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار وبهذه القاعدة أوجبوا الاتيان بالمقدمات المفوتة وحاصلها ان المكلف اذا علم بتحقق شرط الواجب فى المستقبل وبتعلق التكليف بالفعل الواجب المشتمل على مصلحة في ظرف متأخر فالعقل يحكم بالاحتفاظ بالقدرة عليه لامتثال ذلك التكليف فى ظرفه كما هو شأن العقلاء في معاملاتهم الراجعة لانفسهم كما لو علموا بأن في الزمان المستقبل تكون لهم مصلحة تتعلق ببعض الأمور فلذا يلزمون انفسهم بالاحتفاظ بما يتمكنون من ايجاد تلك الامور ومع عدم وجدانهم لبعض ما يحصل لهم التمكن من السعي الى ايجاده قبل مجيء زمان ذلك الفعل وهكذا بالنسبة الى بعض الامور المشتملة على مفسدة يعلم ابتلائهم بها بعد برهة من الزمن فتجدهم يحصلون على اشياء لمكافحة تلك المفاسد لكي لا يبتلوا بها واذا كان هذا شأن العقلاء في تحصيل مصالحهم المترقبة ودفع تلك المفاسد المتأخرة فليكن كذلك بالنسبة الى مصالح الشارع فيجب على من علم بتوجه الخطاب اليه في الزمن المتأخر الاحتفاظ بتلك القدرة على اتيان تلك الافعال المشتملة على المصالح ولذا يحكم العقل بإتيان المقدمات المفوتة قبل حصول شرط الواجب احتفاظا بالقدرة على اتيان الواجب في ظرفه ولازم ذلك استحقاق العقاب عند تركها لتقصيره بعدم اتيان ما يوجب تفويت الواجب ولكن لا يخفى