عرفت مما ذكرنا سابقا انها تحمل على الاوامر الارشادية لحكم العقل باستحقاق الثواب والعقاب فى مقام الاطاعة والعصيان ، نعم الاخبار المصرحة بترتب الثواب على خصوص بعض المقدمات فلا مانع من حملها على كونه ما تترتب عليه مستحبا نفسيا إذ ليس فى الخبر تصريح باستحقاق الثواب على الاطاعة الغيرية كما هو واضح.
التنبيه الثاني : انه قد استشكل في الطهارات الثلاث بانها امور عبادية مع ان الامر المتوجه اليها امرا غيريا غير صالح للتقرب به لكونه امرا توصليا ، وقد اجاب الاستاذ (قدسسره) ما لفظه : (ان المقدمة فيها بنفسها مستحبة وعبادة وغاياتها انما تكون متوقفة على احدى هذه العبادات فلا بد ان يؤتى بها عبادة وإلّا فلم يؤت بما هو مقدمة لها) ولكن لا يخفى انه لا يمكن الالتزام بذلك لأن عامة المتشرعين لا يمتثلون بمثل هذه الطهارات إلا امتثال الامر الغيري ولا يجعل مقاصدهم عنوانا مشيرا الى المقدمة ولا الى محبوبيتها النفسية. فعليه لا بد من الالتزام ببطلان عبادتهم ولا يلتزم به أحد ، على ان قصد الامر الغيري لو كان لتضمنه قصد الامر النفسي الموجب لعباديته فحينئذ يحتاج القصد الى ذلك الى الالتفات اليه ، ومن الواضح انه يمكن ايقاع الطهارات الثلاث بصرف داعي الأمر الغيري مع الغفلة عن عباديتها وقد اجيب عن ذلك بجوابين آخرين أحدهما ما حاصله ان عبادية الطهارات ليست لأجل امتثال امرها الغيري بل لتعنونها بعنوان تصير به عبادة ، وقد تعلق بها الأمر الغيري بما انها معنونة بذلك العنوان. وحيث ان ذلك العنوان مجهول وقد امكن تحصيله بقصد امرها الغيري لذا احتجنا الى قصده للاشارة الى ذلك العنوان ، ولكن لا يخفى ان ذلك لا يجري فيما إذا كانت