من الأحكام ما كانت مشرعة في صدر الإسلام وانما شرعت واحدا بعد واحد على حسب استقرار الدين واعتياد النفوس بالاحكام وانقيادها لها وربما كان طفل غير بالغ أعقل من بالغ وأرشد وليس مع ذلك مشمولا للبعث والزجر فعلا فهذه وأمثالها فكشف عن ان أحكامه تعالى غير تابعة للمصالح والمفاسد في المتعلقات بل إلى خصوصيات راجعة إلى نفس الأحكام هذا ملخص ما أفاده (ره) فيها.
وأنت خبير بان غاية ما يقتضيه هذه الحجة ان الحسن والقبح الذاتيين الثابتين في ذوات الأشياء ليست عللا تامة للأمر والنهي وملاكات كافية فيهما واما انها غير دخيلة فيها حتى بنحو الاقتضاء بحيث يتوقف تأثيرها على وجود شرط وارتفاع مانع فلا ومن المعلوم ان الملاك سواء كان قائما بالحكم أو بالمتعلق هو الغرض المقصود في المورد وهو متعلق العلم الّذي هو سبب الإرادة وهذا الغرض المتحقق في ظرف العلم كما يكون هو الإرادة والطلب أي عنوانا متحدا معه في موارد كذلك يكون هو المتعلق أي عنوانا قائما به في موارد أخرى فالامر مثلا كما يكون بداعي الامتحان والتعجيز والتمسخر ونحوها كذلك يكون بداعي الجد وتحقق المأمور به في الخارج وهذا إيجاب جزئيّ في مقابل ما ادعاه رحمهالله من السلب الكلي ولو كان كل حكم تابعا لملاك قائم بنفس الحكم لم يكن للحسن والقبح الذاتيين معنى ولا لإثباتهما فائدة.
فان قلت قولهم بالحسن والقبح الذاتيين لا ينحصر مورده بالإرادة