قلت هذا على ما نعتقده بقريحة الاعتبار ان الأحكام العقل وللحسن والقبح الّذي يدركهما وللمصالح والمفاسد التي يحكم باعتبارها في أحكامه ثبوتا غير متغير وتحققا غير زائل في الواقع ونفس الأمر لا يؤثر فيه توارد الوجود والعدم وأنت تعلم ان ذلك لا يزيد على الحكم الاعتباري شيئا.
واما حقيقة الأمر فهي ان المصالح المزبورة اما ان تكون موجودة أو معدومة لا سبيل إلى الثاني لعدم تصور تأثير المعدوم وعلى الأول فاما ان تكون واجبة أو ممكنة ولا سبيل إلى الأول وعلى الثاني فهي افعال للواجب تعالى فلو كانت في وجودها تحتاج إلى مصالح أخرى والكلام جار فيه مثلها لتسلسلت ولم ينته إلى الواجب تعالى بالاخرة.
وحينئذ فاما ان لا يحتاج فعله سبحانه إلى مصلحة أصلا بل يكون وجه الصلاح والحسن منتزعة عن فعله متحدا معه وان كان بحسب نظر العقل متقدما عليه متبوعا له نظير حكمه بتقدم الماهية على الوجود وكونها موضوعة له مع ان الأمر على عكسه في الواقع.
أو يحتاج فعله تعالى مصلحة لكن لا يجب في المصلحة ان ـ تكون زائدة على نفس الفعل بل ربما كانت خارجة عنه غاية له وربما كانت عينه.
فيئول الأمر إلى ان أفعاله تعالى أي الموجودات الخارجية على قسمين مما يكون غايته عين ذاته وكما له الأخير عين كماله الأول