قدر متيقن في مقام التخاطب فان موردها المال فحينئذ يكون من قبيل القرينة المقامية المحتملة المانعة من تحقق الاطلاق. اللهم إلا ان يقال ان الامام استشهد بها على غير موردها (قال قلت هل كلف الناس بالمعرفة قال لا على الله البيان لا يكلف الله نفسا إلا ما آتيها) فانه استشهد سلام الله عليه على موردها وغيرها وذلك دليل على عدم اختصاصها بالمورد فلا يكون هو القدر المتيقن في مقام التخاطب فعليه لا مانع من التمسك بها على البراءة سوى ما عرفت منا سابقا بان هذه الآية ترفع الكلفة والمشقة عند عدم ايصال التكاليف الواقعية فحينئذ تكون من قبيل قبح العقاب بلا بيان الذي لا ينكره الاخباري إذ الاخباري يدعى تحقق البيان وهو ايجاب الاحتياط المستفاد من الأخبار.
ودعوى ان المستفاد من الآية رفع الكلفة والمشقة مطلقا ولو من قبيل جعل الاحتياط ففي غير محلها اذ الكلفة والضيق إنما يكون من نفس التكاليف لا من قبيل جعل الاحتياط حتى لو قلنا بان جعل الاحتياط اعتبر طريقيا فانه على ذاك التقدير يكون منجزا للواقع المجهول فتكون البراءة رافعة لنفس الواقع لا ايجاب الاحتياط في هذه الآية وكذا ما يكون في سنخها مثل لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لا تصلح دليلا للبراءة بل حالها حال قبح العقاب بلا بيان.
اللهم إلا أن يقال بان الايتاء ان كان بمعنى الاعلام يكون مساوقا لقبح العقاب بلا بيان كما انه إذا كان بمعنى تمامية الحجة فلا يتم الاستدلال على البراءة نعم بالقياس الى الأحكام وكان بمعنى الاعلام كان للاستدلال بها للبراءة مجال إذ
__________________
وينسب بعض الآثار كالوجوب أو التحريم كما في المقام وليس ذلك نتيجة ما نسب اليه من المعنى المصدرى لكي يقال بانه متأخر عنه فكيف يكون متقدما عليه لاعتباره مفعولا به فلا تغفل.