هي حينئذ دالة على ان الشارع لم يوجب الاحتياط رعاية للاحكام الواقعية قبل اعلامه بها ففي حال الشك ليس مكلفا بشيء ولكن ذلك مبني على كون القضية في مورد الاطلاق ولكن يمكن منعه لكون موردها هو خصوص الانفاق بالمال فيكون من قبيل القدر المتيقن في مورد المخاطب إلا أن يقال ان خصوصية المورد لا يوجب رفع الاطلاق خصوصا بعد استشهاد الامام عليهالسلام في رواية عبد الاعلى المتقدمة لغير موردها وذلك دليل على عدم اختصاص موردها بالمال.
ودعوى انه ليس في الرواية دلالة على اعمية الايتاء بل يمكن تطبيقه على خصوص الاقدار من جهة ان المعرفة لها جهة موضوعية فهي مطلوبة مع تحقق القدرة عليها فلا يجب تحصيل المعرفة إلا باقداره سبحانه وتعالى ممنوعة إذ المعرفة كما ان لها جهة موضوعية لها جهة طريقية فلا مانع من ان صدر الرواية ناظرة للجهتين فبالنسبة الى كون المعرفة لها موضوعية يراد من الايتاء الاقدار وبالنسبة الى جهة طريقتها يراد من الايتاء الاعلام.
ودعوى لزوم استعمال اللفظ في معنيين قد عرفت ضعفه كما ان دعوى عدم ارادة الجهتين من المعرفة ممنوعة حيث ان اطلاق انتفاء التكليف يقضي بالتعميم على ان المحكي في اصول الكافي ضم لا يكلف الله نفسا إلا وسعها إلى قوله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتيها فحينئذ يكون الظاهر من آية الايتاء الاعلام ومن آية الوسع الاقدار فيكون التعرض بالآيتين للمعرفة بكلا الجهتين.
ومما ذكرنا يظهر النظر في الاستدلال بانه (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) كما لا يخفى.
ومنها قوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) وتقريب الاستدلال بهذه الآية مبني على ان المراد من الرسول في الآية كناية عن البيان وقيام الحجة على التكليف الذي هو البيان للواقع المجهول ففي مورد عدم البيان النقلي