فيحكم بالبراءة في الشبهة التحريمية ولكن لا يخفى أنه على هذا التقريب لا تحصل المعارضة لأدلة الاخباريين المثبتة للبيان النقلي بل تكون أدلتهم واردة عليها لو تم استدلالهم على وجوب الاحتياط.
ودعوى أن نفي العقوبة على الواقع المجهول لا ينافي ثبوتها على الاحتياط لأجل أخباره ممنوعة. إذ وجوب الاحتياط لم يكن نفسيا لكي يترتب العقاب عليه بل إنما وجوبه مقدمي فلا عقاب على الواقع المجهول لو خالف ، ويدل على ذلك قوله عليهالسلام «هلك من حيث لا يعلم» فانه لو كان وجوبه نفسيا لكان قد هلك من حيث يعلم لا من حيث لا يعلم.
وبالجملة مفاد هذه الآية مفاد قبح العقاب بلا بيان فمع تحقق البيان الحاصل من الأخبار الواردة في التوقف عند الشبهة والآمرة في الاحتياط فيها أو من العلم الاجمالي بثبوت الاحكام الالزامية وهو يقتضي الاحتياط فلا مجال لجريان البراءة حينئذ. نعم يكون لها مجال مع ابطال ذلك إما بدعوى دلالة تلك الاخبار على عدم وجوب التوقف أو انحلال العلم الاجمالي على حسب ما يأتي ان شاء الله تعالى إلا ان الاشكال في دلالة الآية على البراءة حيث أن المستفاد منها هو نفي فعلية التعذيب لا نفي الاستحقاق مع أن محل الكلام بين الاصوليين والاخباريين هو نفي الاستحقاق ونفي الفعلية لا يلازم نفي الاستحقاق (١) ولكن لا يخفى
__________________
(١) وقد أجاب الشيخ الانصاري (قده) في فرائده ان الآية وان كانت ظاهرة في نفي فعلية التعذيب لا نفي الاستحقاق يصح الاستدلال بها لنفي الاستحقاق إذ الخصم يعترف بالملازمة بين الفعلية والاستحقاق في خصوص المقام بتقريب ان الأدلة التي أقامها على الاستحقاق تدل على نفي الفعلية فان الظاهر من الهلكة المأخوذ في أخبار التثليث هي الهلكة الفعلية لا مجرد الاستحقاق وقد