فقلت : فان كان احدهما متعمدا والآخر يجهل فقال : الذي تعمد لا يحل له ان يرجع الى صاحبه ابدا ، وتقريب الاستدلال يظهر من قوله : (وقد يعذر الناس في الجهالة بما هو أعظم من ذلك) فانه يدل على معذورية كل من الجاهل بالحكم والجاهل بالموضوع أي الجهل بالتحريم ، والجهل بموضوعه أي كونها في العدة وان المراد بما هو أعظم هي العقوبة لكونها اظهر الافراد ، والعقوبة بنحو تشمل الاخروية إذ لو اريد منها خصوص الدنيوية التي هي الحدود والتعزيرات لما صح الاستدلال بها فاذا صح تعميمها تم التمسك بهما للمقام لدلالتها على كون الجهل بالحكم أو الموضوع يرفع العقوبة الاخروية فلا يجب الاحتياط حينئذ في الشبهة التحريمية في قبال الاخباري الذي يدعى وجوب الاحتياط فيها وقد أورد الشيخ الانصاري بلزوم التفكيك بين الجهالتين وحاصله ان الجهالة ان اريد منها الغفلة فلا معنى لتخصيص الجاهل بالحكم بعدم القدرة على الاحتياط إذ ذلك يشمل الجهل بالعدة لعدم قدرته على الاحتياط اذا كان غافلا وان اريد منها هو الشك فالجاهل بالحكم كالجاهل بالعدة قادر على الاحتياط ، ولكن لا يخفى ان المراد من الجهالة مطلق الجهل الشامل للغفلة والشك إلا انه بالنسبة الى الجهل بالحكم يراد منه الغفلة لكون الغالب بالنسبة الى الحكم يكون غافلا ولذا يبعد ان يراد منه الشك إذا الشاك يكون ملتفتا فلذا لا يكون قادرا على الاحتياط بخلاف الجهل في العدة فان الغالب هو ان يكون ملتفتا الى عدم كونها في العدة عند ارادة التزويج فلذا الجهل بالعدة يلائم الشك وعليه يكون قادرا على الاحتياط ولا يلزم من ذلك التفكيك بين الجهالتين إذ الاختلاف بحسب المورد وإلا الجهالة بمعنى واحد وهو القدر المشترك بين الغفلة والشك هذا ولكن الاستدلال مبني على ان يراد من المعذورية من حيث الحكم التكليفي إلا ان الظاهر ان السياق يأبى حمله على ذلك فالسياق إنما يقتضى الحمل على الحكم الوضعي وهو عدم حرمتها