الاستدلال بدليل العقل على البراءة
وقد استدل على البراءة بدليل العقل وهي قاعدة قبح العقاب من دون بيان فان العقل حاكم على انتفاء العقوبة على ما اشتبه حكمه مع عدم بيان من الشارع (١) ولكن لا يخفى ان هذه القاعدة قد عرفت انها مسلمة عند الاصولي
__________________
(١) لا يخفى ان البيان بوجوده الواقعي ليس محركا وزاجرا وإنما يكون المحرك بوجوده العلمي بمعنى ان وظيفة المولوية تقتضي جعل الحكم وبيانه على نحو يتمكن العبد من الوصول اليه بالفحص فاذا لم يجعل أو جعل ولم يتمكن العبد من الوصول اليه فمقتضى ذلك عدم العقوبة عند مخالفته للواقع والحاكم بذلك هو العقل وهذا من القضايا المسلمة عند الاخباري والاصولي إلا انه يدعى حكومة قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل فان العقل يستقل بذلك فيقدم على حكم العقل بالقبح.
وقد اجاب الشيخ الانصاري (قده) بان وجوب الدفع ليس غيريا وانما وجوبه نفسي فالعقاب يكون على مخالفته لا على مخالفة الواقع وخالفه في ذلك المحقق الخراساني بان الوجوب ليس نفسيا وإنما هو طريقي إنما يأتي به لحفظ الواقع وقد رفع التنافي بان قاعدة القبح ترفع موضوع قاعدة وجوب الدفع ، ثم اورد عليه بانه يمكن ان ينعكس الأمر بان تكون قاعدة وجوب الدفع ترفع موضوع قاعدة القبح وقد دفع ذلك في التعليقة بان بيانية قاعدة وجوب الدفع مستلزم للدور بتقريب ان بيانيتها فرع تحقق موضوعها وتحقق موضوعها فرع عدم جريان قاعدة القبح الرافعة لموضوعها وعدم جريانها فرع بيانية قاعدة وجوب الدفع وذلك باطل لاستلزامه تقدم الشيء على نفسه.