الاخباريين مقدمة على ادلة الاصوليين بنحو الورود بل حتى لو قربنا الدليل بنحو نفي العقوبة على الاحكام غير الواصلة إلى المكلف ولو كانت لاجل اخفاء بعض الظلمة تكون ادلة الاخباريين واردة على ادلة الاصوليين إذ يصح للمولى الاحتجاج والمؤاخذة على الواقع من اجل جعل الاحتياط. والانصاف ان الظاهر من معرفة الاحكام بعناوينها الاولية الذي قربا الاستدلال بهذه الرواية فحينئذ تقع المعارضة بين هذه الرواية وأدلة الاخباريين ، ولم تكن ادلتهم واردة عليها كما لا يخفى.
ومنها قوله عليهالسلام : (كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي) بتقريب ان ما لم يعلم النهي عن الشيء يكون المكلف في سعة ومطلق فيه أي مرخص ولا يجب الاحتياط فيه فتكون الرواية ظاهرة في رد الاخباري القائل بايجاب الاحتياط وقد ادعى شيخنا الانصاري بان هذه الرواية اظهر ما في الباب من الادلة علي جريان البراءة في الشبهة الحكمية ، ولكن لا يخفى ان ذلك يتم بناء على ان المراد من الورود هو الوصول ، ومن النهي هو ما تعلق بالشيء بعنوانه الواقعي فيكون مفاد الرواية انه عند الشك في وصول النهي لا يجب رعاية الواقع. واما بناء على ان المراد من متعلق النهي هو مطلق الشيء ولو بالعنوان الثانوي أي ولو كان مجهول الحكم فلا يتم الاستدلال بذلك لعدم مقاومتها لادلة الاخباريين لورود تلك الادلة على هذه الرواية كما انه لا يتم الاستدلال بهذه الرواية بناء على ان المراد من الورود هو الصدور لخروج ذلك عن محل البحث والنزاع لكونه مسلما عند الفريقين إذ لا كلام في عدم ترتب العقوبة ولا يجب الاحتياط ما لم يكن متعلقا للنهي واقعا ولعل من استدل بهذه الرواية علي اصالة الاباحة في الاشياء قد نظر الى ذلك والانصاف ان احتمال ان يراد من المتعلق هو مطلق ولو كان