بالآيات والروايات (١) فنقول فقد استدل الاصوليون بالآيات منها قوله تعالى :
__________________
(١) ذكرنا في حاشيتنا على الكفاية انه قبل بيان الاستدلال بهذه المسألة ينبغي تقديم مقدمتين الاولى ان الوظيفة تارة تكون وظيفة الربوبية واخرى تكون وظيفة العبودية أما وظيفة الربوبية وهي أن يرسل الرسل ويبين الاحكام ويوحيها الى نبيه فلو لم تحصل هذه الوظيفة المستلزمة لعدم امتثال العبد لم يكن خلل في طاعة العبد ووظيفته ، واما وظيفة العبودية هو ان يتفحص العبد عن الأحكام المجعولة له بطرقها فلو لم يتفحص العبد يكون قد أخل بوظيفته ولا يكون اخلالا بوظيفة الربوبية حيث انه حسب الفرض قد أرسل الرسل وقد اوصل الاحكام بطرقها ولو تفحص حتى حصل اليأس فقد أدى وظيفة العبودية وحينئذ يقع الكلام انه يجري في حقه البراءة أو الاحتياط فلذا يجب على من يجري البراءة أولا النظر في الاخبار الواصلة الينا كالتفحص في أخبار الكتب الاربعة وغيرها مما بايدينا فحينئذ تجري البراءة فلو فرض مع ذلك تحقق الحكم وقعا لم يترتب على مخالفته عقوبة لوجود ما يوجب المعذورية.
ان قلت سيأتي ان شاء الله تعالى ان من الفحص ما لو تفحص ولم يعثر على بيان لا يعاقب مع انهم يذكرون انه يعاقب قلت العقوبة ليست من جهة عدم الفحص بل من حيث انه قبل الفحص يجب عليه الاحتياط بحكم العقل ومع ترك الاحتياط يعاقب وسيأتي له تنقيح في آخر البراءة ان شاء الله تعالى.
المقدمة الثانية انه يوجد عند القوم عنوانان أحدهما هل الأصل في الأشياء الاباحة أو الحظر ثانيهما لو شك في الحرمة هل تجري البراءة أو الاحتياط وهل مرجع هذين العنوانين الى شيء واحد أو كل عنوان اجنبي عن الآخر بادئ النظر انهما عنوان واحد ويرجعان لامر واحد ولكن عند التحقيق والنظر الدقيق