الاخباريين وقبل الخوض في أدلة الطرفين لا بد من تنقيح محل النزاع.
فنقول لا اشكال في استقلال العقل بقبح العقاب بلا بيان حتى عند الاخباريين كما انه لا اشكال في استقلال العقل بوجوب رفع الضرر المحتمل حتى عند الاصوليين فهاتان الكبريتان مسلمتان عند الاصولي والاخباري وانما النزاع بينهما في الصغرى وهي مورد الشبهة وانها مندرجة تحت الكبريين فهم الاصولي ادراجها تحت قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، وهم الاخباري ادراجها تحت قاعدة دفع الضرر المحتمل وبعبارة اخرى ان النزاع في الصغرى وهو ان اخبار الاحتياط هل هي بيان ام لا؟ فالاخباريون يدعون انها بيان ، والاصوليون يدعون انها ليست بيانا وليس النزاع في احدى الكبريين.
فظهر مما ذكرنا ان المستدل من الاصوليين على البراءة بقبح العقاب بلا بيان في غير محله إذ ليست هذه القاعدة محل انكار عند الاخباريين بل هي مسلمة ولكن يدعى انتفاء موضوع هذه القاعدة باخبار الاحتياط كما ان المستدل من الاخباريين على الاحتياط بقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل ايضا في غير محله إذ الاصوليون لا ينكرون هذه القاعدة بل يدعون وجود المؤمن.
ومن هنا يظهر لك بطلان ما استدل به كل من الطرفين على مدعاه وبدليل العقل الذي هو احدى الكبريين كما ان هذه المسألة لما كانت معركة الآراء قديما فلا مجال للاستدلال لكل من الطرفين بالاجماع ولو قلنا بحجيته من باب الحدس مع انا نجدهم اعتمدوا على ظواهر الآيات والروايات فاذن العمدة في مقام الاستدلال للبراءة في الشبهة الحكمية التحريمية مع فقد النص
(منهاج الاصول ـ ٢)