وذلك فيما اذا دار الأمر بين محذورين ، أي بين الوجوب والحرمة وبيان ذلك يظهر في ذكر امور :
الاول : ان الحكم بالتخيير بين المحذورين عبارة اخرى عن التخيير بين الفعل والترك والحكم بذلك حكم عقلي محض وهو لاجل اضطرار المكلف الى
__________________
دعوى عدم جريان الاباحة الشرعية لقصور ادلتها كمثل كل شيء لك حلال بالنسبة الى مشتبه الحرمة والحلية. فالذي يقتضيه التحقيق هو انه لا مانع من جريان البراءة الشرعية او العقلية لما ذكرنا من امكان جعلها بالنسبة الى احدهما المعين.
واما القول بتقديم جانب الحرمة لكون دفع المفسدة اولى من جلب المنفعة فمحل منع إذ نمنع اولوية ذلك لعدم الدليل الشرعي او العقلي عليه على انه لو تم إنما يتم فيما اذا كانت المفسدة والمصلحة معلومتين ، واما فيما لم يعلم فيه المفسدة وإنما هو احتمال فلا نسلم تلك الأولوية ، كما ان ما ذكره المحقق الخراساني في الكفاية من منع جريان قبح العقاب بلا بيان من جهة ان العلم بجنس الالزام حاصل فالبيان تام محل منع بل نظر ، اذ العلم بالتكليف الالزامي غير قابل للباعثية فلا يكون بيانا ، فعليه البراءة العقلية جارية في المقام كالبراءة الشرعية فلا تصل النوبة الى التخيير العقلي فلذا صح لنا القول بان المقام من قبيل الشك في التكليف لا الشك في المكلف به بل لا مانع من جريان الاستصحاب في هذا المقام من غير فرق بين الاصول التنزيلية وغيرها كما لا فرق بين ان تكون الشبهة موضوعية او حكمية كما لو علم بوقوع الحلف على السفر او على تركه فانه لا مانع من استصحاب عدم الحلف على السفر واستصحاب عدم الحلف على تركه. نعم يبقى الاشكال في انه لو رجعنا الى الاصول العملية في مقام دوران الامر بين محذورين فيلزم من جريانهما مخالفة احد الاصلين للواقع أو ان الرجوع الى الاصول النافية