احدهما تكوينا وعدم امكان جمعهما لعدم قدرة المكلف على ذلك فلذا لا يجب مراعاة العلم الاجمالي بلزوم اتيان احدهما لعدم خلو الواقعة تكوينا من الفعل أو الترك ومن هنا يسقط اعتبار العلم الاجمالي لما عرفت من اضطرار المكلف الى اتيان احدهما وذلك يوجب عدم قابليته للتأثير ، ومع فرض عدم قابليته لذلك لا يكون موجبا للتخيير ، وعدم امكان ذلك لا يكون داعيا للاتيان باحدهما إذ داعويته للاتيان باحدهما منوط بصلاحيته للتأثير الموجب للتخيير وقد عرفت انه غير صالح له كما لا يخفى.
الأمر الثاني : انك قد عرفت ان التخيير في المقام عبارة عن عدم الحرج في الفعل او الترك فيكون من التخيير بين النقيضين ولذا لا يكون المقام من التخيير الشرعي او العقلي اذ المناط فيهما امكان المخالفة القطعية ففي المقام ولو كان الحاكم
__________________
إنما يصح عند الشك في أصل التكليف لا مثل المقام لحصول العلم بجنس الالزام فيكون من الشك بالمكلف به ولكن لا يخفى أما عن الاول فلا محذور فيه إذ لا يلزم إلا المخالفة الالتزامية وقد عرفت انه لا محذور فيها مع عدم حصول المخالفة القطعية كما في المقام ، واما عن الثاني فالعلم بالالزام إنما يمنع من جريان الاصول فيما إذا كان التكليف المعلوم قابلا للباعثية لا مثل المقام. نعم ربما يستشكل من جريان اصالة الاباحة لكونها اصلا واحدا منافيا للعلم بالالزام تكوينا وقد ذكرنا انه يعتبر في جريان الاصل عدم العلم بمخالفته للواقع.
فظهر مما ذكرنا انه لا مانع من جريان الاصول كالبراءة والاستصحاب الجاريين في كل من الوجوب والحرمة مستقلا من غير محذور سوى أن جريانهما موجب لمخالفة أحد الاصلين للواقع مع الشك في موافقة كل منهما له في نفسه وليس إلا مخالفة التزامية وقد عرفت انه لا محذور فيها.