به هو العقل إلّا انه بمناط التكوين والاضطرار بعد بطلان الترجيح بلا مرجح نعم لا مانع من جعله من التخيير باحد الدليلين فيكون الأخذ باحدهما تعيينا من الحكم الظاهرى إلّا ان ذلك يحتاج الى معين. وبالجملة الحكم في التخيير في المقام من الحكم العقلي المحض بمناط الاضطرار والتكوين لا بمناط الحسن والقبح فلا مجال لاعمال المولوية في الأمر بالتخيير بينهما لما عرفت ان اعماله يعد لغوا.
الأمر الثالث : هل التخيير بين المحذورين استمرارى او بدوي؟ فقد يتوهم انه بدوي اذ استمرارية التخيير يوجب القطع بكل من الموافقة والمخالفة بخلاف ما لو قلنا انه بدوي حيث انه لا يلزم منه إلّا احتمالهما. ولكن لا يخفى ان ذلك مبني على ان العلم الاجمالي منجز للواقع بالنسبة الى حرمة المخالفة القطعية بنحو العلية وبالنسبة الى وجوب الموافقة القطعية بنحو الاقتضاء القابل لمنع المانع. فعليه لو دار الامر بين الاطاعتين تقدم جانب العلية على الاقتضاء لصلاحيتها الى المانعية وينتج من ذلك المنع من التخيير الاستمراري الموجب للمخالفة القطعية إلا أن ذلك محل منع ، إذ العلم الاجمالي بالنسبة الى الموافقة القطعية علة تامة كالمخالفة القطعية من غير فرق بينهما (١) وحيث لا يمكن تحققهما فلا أثر له.
__________________
(١) والظاهر أن ذلك لعدم تنجز التكليف فالمكلف حيث لا يمكنه الاحتياط والموافقة القطعية لامتناع الجمع بين الفعل والترك لكونهما نقيضين كما لا يمكنه المخالفة القطعية لامتناع ترك النقيضين فلا يترتب على العلم المذكور أثر في نظر العقل فلا يكون منجزا وذلك لعدم كونه بيانا ، وظاهر ذلك انه يحصل من ترك المخالفة القطعية وبذلك يفرق بين كون العلم الاجمالي متحقق في واقعة او واقعتين إذ بالإضافة الى الواقعتين يتمكن المكلف من حصول المخالفة القطعية كما