الضرر المحتمل فهذا الحكم العقلي ان كان مستفادا من نفس حكم العقل بوجوب دفع الضرر فغير معقول ، إذ كيف يتقدم ما يكون مستفادا من المتأخر وان كان مستفادا من غيره فمفقود وبعبارة اخرى ان البيان الذي ينشأ منه احتمال الضرر لا بد وان يكون في المرتبة السابقة على احتمال المضرة لفرض ان هذا الاحتمال نشأ منه فيكون احتمال المضرة متأخرا عن البيان تأخر المعلول عن علته ، فحينئذ يكون مجال لحكم العقل بوجوب دفع الضرر لوجود موضوعه الذي هو احتمال المضرة الناشئ من البيان ، وعليه لا يعقل ان تكون هذه القاعدة بيانا ، لفرض أنه متقدم عليها بمرتبتين ، فلو كانت بيانا لزم الدور الواضح ، واذا فرض ان هذه القاعدة ـ اعني وجوب دفع الضرر ـ غير صالحة للبيانية فتجري قاعدة قبح العقاب بلا بيان فمع جريانها ترفع احتمال المضرة فلذا تقدم عليها لكونها رافعة للقاعدة الثانية ، هذا كله لو اريد من الضرر هو الاخروي.
واما لو اريد منه الدنيوي فنقول : لا تلازم بين احتمال الوجوب او التحريم وبين احتمال المضرة أو المنفعة ، وثانيا نمنع مجرد فوت المصلحة او الوقوع في المفسدة ضررا لكي يحكم العقل بوجوب دفعه ، وثالثا ان حكم العقل بوجوب الدفع من الشارع يكون حكما ارشاديا لا مولويا مستتبعا للعقوبة أو المثوبة ، ورابعا ان حكم الشارع المستكشف من حكم العقل إنما يكون مولويا بناء على الملازمة ، وقد عرفت ان الحق عدمها ، وخامسا ان الضرر الذي يجب التحرز عنه هو الضرر غير المتدارك ، اما الضرر المتدارك فلا يجب التحرز عنه ، كما في المقام فان الادلة قائمة على كون الضرر متدارك فلا يجب التحرز عنه فافهم.
ثم انه قد استدل للبراءة بان التكليف بما لا طريق الى العلم به تكليف بما لا يطاق. وذكر الشيخ الانصاري (قده) في توجيه ذلك بان الظاهر من (بما لا يطاق) هو كونه في مقام الامتثال بان يكون اتيان الفعل بداعي امتثال