يلازم الإجزاء وسلّمنا ذلك لكنّه لم يقل بأنّ جواز البدار مستلزم للإجزاء ، بل قال بأنّ جواز البدار مع ظهور الأمر في التعيينيّة موجب للإجزاء ، وهذا كان صحيحا ، هذا غاية ما يمكن أن يقال في بيان الإطلاق ، ولكن اعلم أنّ هذا الإطلاق الثالث أيضا مردود من جهتين :
الاولى : أنّ التعيينيّة يمكن أن يكون ما داميا بمعنى أنّه يكون الواجب على المريض مثلا الصلاة جالسا بالوجوب التعييني ومع هذا يكون الواجب عليه بعد رفع الاضطرار هو الصلاة قائما بالوجوب التعييني. فعلى هذا يمكن أن يكون الوجوب تعيينا إلّا أنّ تعيينيّته تكون ما دام مضطرا ، ولا سيّما أنّ في مورد كلامنا إن كان الشارع أراد من المكلّف مثلا الصلاة مخيّرا بين القعود والقيام قال أنت مخيّر بين أن تصلّي في حال الاضطرار قاعدا وبين أن تصلّي في حال الاختيار قائما كيف لازم عليه أن يأمر؟ هل يمكن؟! إلّا أن يقول بأنه وجب في حال الاضطرار عليك الصلاة قاعدا ووجب عليك الصلاة في حال الاختيار قائما ، فعلى هذا كون الوجوب تعيينيّا لا يتلازم مع الإجزاء عن التكليف الاختياري ، لما قلنا ، بل يكون ملازما لإجزاء أمره الاضطراري.
الثانية : أنّه على ما قال هذا المحقّق من الإجزاء وأنّ المأمور به في حال الاضطرار بمقتضى إطلاقات الأدلّة كالمأمور به في حال الاختيار ولا يكون بينهما فرق ، فلازم هذا الكلام هو أنّه جائز للمكلّف أن يضطر نفسه ، مثلا من كان لديه الماء وواجب عليه الوضوء يجوز أن يهريق الماء ويتيمّم ، والحال أنّه لم يقل بذلك هذا المحقّق ، وهذا واضح لا سترة فيه. فعلى هذا ما قاله في المقام لا يمكن القول به.
ذكر وجه آخر للتمسّك بالإطلاق في هذا المقام كما يظهر من كلام الشيخ أعلى الله مقامه وهو أن يكون لسان الأدلّة الاضطرارية ، نحو : (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) لسان التنويع والفردية فإنّ تكليف المختار نوع وتكليف المضطر نوع آخر ، فعلى هذا