الجهة الثانية :
فيما يمتاز كلّ علم عن علم آخر
فيما يمتاز كلّ علم عن علم آخر وما يكون وجه الامتياز يكون ما قلنا من أنّها الوحدة الذاتية فيها ، فنقول كما قلنا مختصرا بأنّ الناس بعد تعلّق غرضهم بفهم ما يعرض للأشياء الذي نعبّر عنه بالمحمولات ، فحيث إنّ الأغراض مختلفة فواحد يتعلّق غرضه بكشف عوارض بدن الانسان مثلا ، وواحد بعوارض الجسم مثلا ، وواحد بعوارض الكلمة مثلا الى غير ذلك ، وليس غرض الكلّ متوجّها بالكلّ ولا يمكن للكلّ التفحّص والتفتيش عن كلّ من العوارض التي تلحق الأشياء ، لعدم سعة العمر لذلك ، فيصير كلّ واحد أو كلّ طائفة بمقام كشف عارض من عوارض شيء من الأشياء ، والبحث والجد في كشف عارض الشيء هو نفس العلم الذي يبحث عن عوارض الشيء ، والفن الذي معدّ له هو فنّ هذا الموضوع ، فقهرا مع ميل الإنسان لكشف عارض أو عوارض من شيء أو أشياء وعدم تمكّنه من كشف الكلّ يتعلّق غرضه بخصوص ما يكون مائلا لكشفه فيرى أنّ موضوعات مختلفة تكون مؤثّرا في غرضه يعني يرى أنّ العارض الذي يكون في مقام كشفه هو حاصل في موضوعات متشتتة فيجمع هذه المتشتتات ويجعلها فنّا خاصا وعلما مخصوصا ؛ لأنّ نفس الموضوعات منها وحدتها ذاتية مع قطع النظر عن المحمولات والأثر ؛ لأنّ كلّا منها