ليس في محلّه ، لأنّه لا دليل على هذا أولا ، وثانيا أنّه لم يكن في المقدّمات رتبة أصلا مثلا يكون المعلول متأخّر رتبة عن العلّة ، ولكن عدم المعلول مع عدم العلّة لم يكن بينهما رتبة أصلا. فظهر لك أنّ ما قاله من لزوم الرتبة بين الضدّين وأن يكونا في رتبة واحدة لا أصل له ، فتأمّل جيدا.
وقال ثانيا في جواب إشكال المقدمية : إنّ الضدّين كما يكون بينهما تمانع كذلك يكون التمانع بين نقيضهما. بيانه أنّ من توهّم أنّ عدم الضدّ من المقدمات لا يكون منشأ توهمه إلّا تخيّل أنّ بين الضدّين تكون المعاندة وكلّ منهما مانع عن الآخر ، وحيث إنّ عدم المانع من المقدمات فيكون وجود أحد الضدّين موقوف على عدم ضدّه. فنقول : هذا المناط موجود في النقيضين حيث إنّ وجود أحد النقيضين مانع عن وجود نقيضه ، فعلى هذا يلزم أن يكون عدم أحد النقيضين مقدمة لوجود نقيضه ، ولا إشكال في فساده ولا يمكن الالتزام بهذا ، والمتوهّم أيضا لا يلتزم به ، فهذا يكشف عن بطلان الاستدلال.
وأجاب المحقّق المذكور.
ثالثا : بأنّه إن كان عدم الضدّ مقدمة لوجود ضدّه يلزم أن يكون وجود الضدّ أيضا مقدمة لعدم ضدّه فيلزم الدور ، حيث إنّ وجود الضدّ موقوف على عدم ضدّه توقّف الشيء على عدم مانعة وعدم الضدّ أيضا يتوقّف على وجود ضدّه توقّف الشيء على مانعة ، بل يلزم محذور أشد وهو أنّه على هذا يلزم كون الشيء في مرتبتين ، لأنّه يلزم أن يكون الشيء في مرتبة موقوف عليه وفي مرتبة موقوف لأجل أنّه مقدمة لعدم ضدّه فيكون مقدّما ويتوقّف على عدم ضدّه فيكون مؤخّرا ومعلوم أنّ المقدمة التي تكون من أجزاء العلّة مقدمة على ذي المقدمة الذي يكون معلولا ، ولا يمكن أن يكون الشيء بالنسبة الى شيء مقدمة وذي المقدمة فيلزم كون الشيء في مرتبتين ، في مرتبة مقدمة وفي مرتبة مؤخرة ، وهذا ممّا لا خدشة في فساده ،