أوّلا : لم تكن وحدة الرتبة معتبرة في الضدّين حتى يقال بأنّ بعد ما فرضنا اختلاف الرتبة لم يلزم اجتماع الضدّين.
وثانيا : لم يكن محذور الاجتماع في الأمرين فقط ، بل ولو يلزم الاجتماع بين مقتضى الأمرين في زمان واحد يعود المحذور ، فلو فرضت اختلاف الأمرين من حيث الرتبة لم يكف في دفع المحذور ، مثلا إذا أمر بالإزالة وأمر بالصلاة بشرط عصيان أمر الإزالة مع هذا يلزم في جزء أوّل الزمان الذي أتى بالصلاة اجتماع الضدّين ؛ لأنّ مقتضى الأمر بالازالة باق في هذا الزمان فقد ظهر لك ما في هذا الاستدلال من الفساد.
المقدمة الثانية : لا إشكال في أنّ كلّ أمر جاذب قدرة المكلّف نحوه مثلا إذا أمر بالصلاة يكون مقتضى هذا الأمر جذب قدرة المكلّف الى نفسه ويكون لازمه أنّ المكلّف يصرف قدرته فيه ، فإذا فهمت ذلك نقول : إنّ المحذور في اجتماع الضدّين ومقامنا هذا يكون من أجل أنّ الأمرين لا يمكن في زمان واحد ، حيث إنّ كلّا منهما يجذب قدرة المكلّف نحوه ، والمفروض أنّ للمكلّف لم تكن له إلّا قدرة واحدة ولم يكن له قدرتان حتى يصرف في كليهما ، فبعد أن المكلّف لم يكن قادرا إلّا الى إتيان أحدهما والأمران يدعوان كلّ منهما الى نفسه ويجذب صرف هذه القدرة الى نفسه يلزم الاجتماع فلم يمكن اجتماع الأمرين في زمان واحد.
وبما ذكرنا ظهر لك أنّ المحذور في هذا الباب هو ما قلنا من أنّ كل من الأمرين حيث يجذب قدرة المكلّف نحو نفسه وليس للمكلّف إلّا قدرة واحدة فليس له قدرة الى العمل بكلا الأمرين فدعوة الأمرين في زمان واحد مع عدم قدرة المكلّف تكون محالا فيلزم اجتماع الضدّين لا أنّ المحذور يكون هو ما يستفاد من لازم الأمرين وهو الأمر بالجمع حيث توهّموا أنّ بعد ثبوت الأمرين يكون لازمهما الأمر بالجمع ، وهذا محال.