وهل هذا إلّا قول بلا وجه ، وفرق بين الأمر والنهي بدون فارق لما قلنا ، ومسلّم عندهم بكون المادة والهيئة في كلّ من الأمر والنهي بنحو واحد؟
وقال شيخنا العلّامة الحائري رحمهالله وكان أصله من السيد العلّامة الفشاركي رحمهالله بأنّ في الأمر يكون البعث على صرف الوجود أي ناقض العدم فيكون المطلوب هو نقض العدم أو طرده ، فحيث يكون المطلوب نقض العدم فلا إشكال في أنّ نقض العدم يحصل بفرد واحد ، لأنّه بذلك انتقض العدم ، وفي النهي حيث يكون البعث نحو الترك فيكون المطلوب حقيقة نقيض ما كان مطلوبا في الأمر ، ففي الأمر بعد كون المطلوب صرف الوجود وناقض العدم ففي النهي يكون المطلوب عدم ايجاد صرف الوجود وناقض العدم ، فمقتضى النهي هو أنّ المكلّف لا يوجد ناقض العدم فلازمه هو ترك جميع أفراد الطبيعة حتى يحصل ترك ناقض العدم وترك صرف الوجود ، وبهذا فرّق بين الأمر والنهي.
ولكن فيه أنّ الموجود في الخارج هو الوجودات الخاصة فنقيض كلّ فرد عدم هذا الفرد ، فالمطلوب في الوجود ولو كان فرد من الوجود يكون المطلوب في طرف العدم أيضا فردا فلا يمكن التفكيك بينهما ، فلا يقتضي كون متعلّق الأمر صرف الوجود إن يكون في النهي متعلّقه عدم تمام أفراد الوجود ؛ لأنّ صرف الوجود كما يحصل بالفرد فالعدم أيضا يحصل بعدم ذلك الفرد.
والتحقيق في الجواب أن يقال بأنّ المادة والهيئة ولو كانت في طرف الأمر والنهي بنحو واحد إلّا أنّه حيث يكون في طرف الأمر طلب ايجاد جميع الأفراد غير ممكن لكون المكلّف غير قادر على إتيان جميع الأفراد في حال واحد فمن يصلي الآن في المسجد مثلا وتكون هذه فردا من الصلاة المتعلّق بها الأمر لا يكون قادرا على الصلاة في البيت التي هي أيضا فرد من الصلاة في هذا الآن ، فلا يمكن تعلّق الأمر بايجاد تمام الأفراد ، وأمّا في طرف النهي فحيث إنّ المكلّف مع تركه فردا من شرب