من قبيل المتزاحمين ولم يكن من باب التعارض ، غاية الأمر يكون التزاحم في الملاك حيث إنّ في مورد التعارض يعلم إجمالا بعدم الملاك في أحد الدليلين بخلاف المقام فظهر لك أنّ مسألة اجتماع الأمر والنهي تكون من باب التزاحم في الملاك على ما قاله المحقّق الخراساني رحمهالله.
ثم اعلم أنّه قد استدلّ مثبتوا جواز الاجتماع بأدلّة اثنان منها ما قلنا في طي كلماتنا الأوّل ما قاله السيد محمد الاصفهاني رحمهالله ، والثاني ما يظهر من تقريرات النائيني رحمهالله.
الثالث من أدلّتهم أنّه قالوا : بأنّ من أتى بالمأمور به يكون مطيعا ومن جهة أنّه اتى بالمأمور به في ضمن الفرد المحرم عدّ مطيعا وعاصيا من وجهين من جهة أنّه أتى بالمأمور به في ضمن الفرد المحرم عدّ عاصيا ، فإذا أمر المولى بخياطة الثوب ونهاه عن الكون في المكان الخاص ، فلو خاطه في ذلك المكان عدّ مطيعا لأمر الخياطة وعدّ عاصيا للنهي عن الكون في ذلك المكان.
والجواب عنه أنّه أوّلا : يمكن أن يقال بأنّ المثال لم يكن من محلّ النزاع ؛ لأنّ النزاع يكون في كلّ مورد يكون مورد الأمر والنهي متّحد وجودا ولم يكن لهما إلّا وجود واحد والمثال لم يكن كذلك ولم يكن للكون والخياطة وجود واحد.
وثانيا : أنّه ما قلت في الاستدلال من أنّه عدّ عاصيا ومطيعا لا نسلّم هذا ، بل إمّا يكون عاصيا وإمّا يكون مطيعا فإن غلب جانب النهي لم يكن مطيعا إلّا إذا كان المأمور به من التوصليات ، وأمّا إذا كان من التعبديات فلم يكن مطيعا ، فافهم.
الرابع : ما قالوا من أنّ أدلّ الدليل على إمكان الشيء وقوعه ، وفي المقام يكون كذلك حيث إنّه وقع الاجتماع في الشرعيات ومثّلوا بالعبادات المكروهة كالصوم في يوم العاشر والصلاة في الحمّام فإنّه لو لم يكن الاجتماع جائزا كيف وقع أمثاله في الشرع؟ فإنّ المحذور هو اجتماع الحبّ والبغض وأنّ التضاد يكون بين الأحكام ، ولا