(٢) سيئات ما كسبوا : سوء نتائج آثامهم التي ارتكبوها بظلمهم وشركهم.
في الآيتين إشارة إلى هول ما سوف يلقاه المشركون الظالمون لأنفسهم يوم القيامة ، حيث يعرضون لعذاب يكون من الشدة ما يهون عليهم معه أن يفتدوا منه بملك الدنيا وما فيها ومثله معه لو كانوا يملكونه ، وحيث يرون من نكال الله وغضبه ما لم يكن يخطر لهم ببال وحساب ، وحيث يعاينون سوء آثامهم التي ارتكبوها وحيث يحيق بهم ما كانوا يستخفون به ويستهزئون منه.
والآيتان متصلتان بما سبقهما اتصال سياق وموضوع أيضا ، وقد استهدفتا فيما استهدفتاه على ما هو المتبادر إثارة الرعب في قلوب المشركين وحملهم على الارتداع والارعواء ، وينطوي فيهما صورة لما كان عليه المشركون من شدة عناد ومكابرة وما كان يبدو منهم من استخفاف واستهتار وهزء بالدعوة النبوية والنذر الأخروية.
(فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٤٩) قَدْ قالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (٥٠) فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ (٥١) أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥٢)) [٤٩ ـ ٥٢]
(١) فتنة : اختبار وامتحان.
(٢) فما أغنى عنهم : فما نفعهم.
(٣) والذين ظلموا : هنا بمعنى والذين أجرموا وأثموا وانحرفوا عن الحق.
الآية الأولى تشير إلى خلق في الناس ، فإذا ما نزل في إنسان ضرّ وضيق وعسر دعا الله لكشفه فإذا استجاب له وأزاله عنه وبدله نعمة ويسرا جحد الله وزعم أن ما ناله إنما ناله بسعيه وعلمه وبراعته. وقد احتوت الآية ردا على هذا الجحود