ثالثا : ولتحكي ما سوف يكون من أمر المشركين يوم القيامة حيث يسألهم الله عن شركائه الذين أشركوهم معه فلا يجدون مناصا من الاعتراف بحقيقة الأمر والتراجع عما كانوا يقولون به وتنزيه الله عن الشركاء وقد غاب عنهم شركاؤهم الذين كانوا يدعونهم وتيقنوا أن لا محيد لهم ولا مخلص من عقاب الله وعذابه.
والآيات في مجموعها في معرض إنذار المشركين والتنديد بهم. وقد استهدفت فيما استهدفته إثارة الندم والارعواء فيهم إذ يسمعون ما سوف يكون من أمرهم وخذلان شركائهم لهم يوم القيامة.
والآية الأولى من الآيات الحاسمة في صراحتها وقطيعتها بأن المرء إنما يعمل ما يعمل من أعمال صالحة وسيئة ـ ومن ذلك الإيمان والكفر ـ باختياره وإرادته وأنه يتحمل من أجل ذلك تبعة عمله وأن الثواب والعقاب إنما يكونا وفق هذا الاختيار ونتيجة له.
وجملة (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (٤٦)) على لسان الله عزوجل تأتي هنا مرة أخرى وقد جاءت في الآية [٢٩] من سورة (ق) التي سبق تفسيرها. وقد علقنا على مداها بما يغني عن التكرار فنكتفي بهذا التنبيه.
(لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ (٤٩) وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ (٥٠) وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ (٥١)) [٤٩ ـ ٥١]
(١) دعاء : بمعنى طلب أو رغبة.
ذكر الكفار في الآيات وإنذارهم يجعلان الصلة قائمة بينها وبين السياق.