واتصالها ملموح بصورة خاصة بالآية [٢١] وما قبلها حيث حكت تلك الآيات أقوال المشركين ومواقفهم وحيث احتوت هذه حكاية قول آخر من أقوالهم.
ولقد ذكرنا في سياق تفسير الآية السابقة أن هذه الآية مما روى مدنيتها معها ، وشكنا في رواية الآية السابقة ينسحب على رواية هذه الآية بطبيعة الحال. ويلحظ أن أسلوب هذه الآية ومضمونها مما تكرر في آيات مكية وأن الصورة التي انطوت فيها هي من صور العهد المكي على الأعم الأغلب.
وفي إعلان النبي صلىاللهعليهوسلم ما أوحى إليه به في الآية يتجلى فيه بصورة رائعة إخلاص النبي صلىاللهعليهوسلم وعمق شعوره بصدق صلته بالوحي الرباني واستشعاره هيبة الله عزوجل وانتفاء أي احتمال لنسبة شيء ما إليه لم يكن قد أوحى إليه به ، ومن شأن ذلك أن يفحم كل مكابر متعنت.
(وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ (٢٥) وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ (٢٦)) [٢٥ ـ ٢٦]
في الآيات تقرير بأن الله تعالى يقبل توبة التائبين إليه ويعفو عن السيئات ويعلم جميع ما يفعله الناس فيستجيب للذين تابوا وآمنوا وعملوا الصالحات ويمنحهم عطفه ويزيدهم من فضله أما الذين كفروا فليس لهم عنده إلا شديد العذاب.
وكلمة (وَهُوَ) التي تبدأ بها الآيتان تدل على اتصالهما بما قبلهما كما هو المتبادر. ولا سيما أن الآيات السابقة قد ذكر الله تعالى فيها وجاءت هذه الآيات بعدها فاكتفت بالعطف عليه والإشارة إلى الله عزوجل بلفظ (هو). ومن المحتمل أن يكون استهدف في الآيتين إعلان كون باب الله مفتوحا للناس الذين يدعوهم النبي صلىاللهعليهوسلم ويبشرهم مما ذكر في الآيات السابقة وبذلك يبدو الاتصال واضحا.