ففيها أنّ المراد بوجوب الالتزام : إن أريد وجوب موافقة حكم الله فهو حاصل فيما نحن فيه ، فانّ في الفعل موافقة للوجوب ، وفي الترك موافقة للحرمة ، إذ المفروض عدم توقّف الموافقة في المقام على قصد الامتثال ؛ وإن أريد وجوب الانقياد والتديّن
______________________________________________________
من الكتاب والسنة والاجماع والعقل ، قال سبحانه : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (١) إلى غير ذلك من الأدلة المذكورة في كتب الأحاديث وكتب الكلام.
(ففيها :) أي : في هذه الدعوى : (انّ المراد بوجوب الالتزام : ان أريد وجوب موافقة حكم الله) عملا بأن يكون عمل الانسان موافقا لما أمر به الله سبحانه (فهو حاصل فيما نحن فيه ، فانّ في الفعل موافقة للوجوب ، وفي الترك موافقة للحرمة) لأنّ المكلّف إما أن يعمل وإما أن يترك.
وعلى أي حال : فالحكم الظاهري للمتردّد بين الوجوب والحرمة : التخيير ؛ وذلك لما سبق : من ان الانسان الذي يتردد عنده الشيء بين الوجوب والحرمة له ان يأخذ بأيهما شاء ، نصا لرواية التخيير ، وعقلا لقبح العقاب بلا بيان.
لا يقال : انّه كيف يكون موافقا لحكم الله مع انّه لا يأتي بالفعل أو بالترك لا طاعة أمر الله.
لأنّه يقال : الموافقة هنا بمعنى الانطباق العملي (إذ المفروض عدم توقّف الموافقة في المقام على قصد الامتثال) لأنّه توصلي ، والتوصلي يتحقق بمجرد الفعل بدون قصد القربة.
(وإن أريد وجوب الانقياد والتدين) قلبا ، بأن يكون الانسان خاضعا راضيا
__________________
(١) ـ سورة النساء : الآية ٦٥.