و
______________________________________________________
إذا اختلفا لا يحق للمقلّد الحكم بالاباحة ، وانّما يجب عليه ان يقلد هذا أو يقلد ذاك.
ولا يخفى : ان قياس ما نحن فيه باختلاف المجتهدين في الوجوب والحرمة ، قياس مع الفارق ، وذلك لأنّ وجوب أخذ المقلد بأحد القولين ليس من جهة رعاية الحكم الواقعي حتى يتعدى منه إلى ما نحن فيه من دوران الأمر بين المحذورين ، بل من جهة ان دليل حجيّة الفتوى دل على حجيّة كل من القولين بالخصوص ، وحيث لا يتمكن المقلد أخذ الفتويين معا لاختلافهما ، فلا بدّ من أخذ أحدهما ، أما ما نحن فيه فليس كذلك اذ دليل وجوب الأخذ بحكم الله لا يدل إلّا على وجوب الأخذ بما هو حكم الله واقعا ، فاذا علم بالحكم الواقعي أخذ به وإذا لم يعلم بالحكم الواقعي فهو مخيّر ، لقبح العقاب بلا بيان ، وروايات البراءة ، وغيرهما.
لكن ربّما يقال في المجتهدين أيضا بجواز أخذ المقلد بقول هذا تارة وبذاك أخرى ، لأنّ حجيّة قولهما من باب رجوع الجاهل إلى أهل الخبرة ، فان كان كلاهما أهل خبرة كما هو المفروض جاز له الرجوع إليهما في واقعتين.
(و) ان قلت : كيف تقولون بالاباحة في دوران الأمر بين المحذورين ، مع ان هذا مخالف لما ذكروه في مسألة اختلاف الامّة على قولين ، حيث ذكروا في هذه المسألة : انّه لا يجوز إحداث القول الثالث؟ وفيما نحن فيه إذا قال بعض الامّة : بأن الشيء الفلاني حرام ، وقال البعض الآخر : بانّه حلال ، وقلتم أنتم أيها المصنّف : انّه مباح ، كان من احداث القول الثالث؟.
قلت : كلامهم في عدم جواز احداث القول الثالث انّما هو اذا كان في القول