ومنهم من يقول : «نحن مخيّرون في العمل بأيّ القولين. وذلك يجري مجرى خبرين إذا تعارضا» ، انتهى.
ثمّ فرّع «على القول الأوّل جواز اتفاقهم بعد الاختلاف على قول واحد ، وعلى القول الثاني عدم جواز ذلك ، معللا : بأنه يلزم من ذلك
______________________________________________________
(ومنهم من يقول : نحن) الذين ترددنا بين القولين فيما إذا اختلفت الامّة عليهما (مخيّرون في العمل بأيّ القولين ، وذلك يجري مجرى خبرين إذا تعارضا) (١) فكما انّه إذا تعارض خبران يتخير الانسان بين هذا الخبر وذاك الخبر ، كذلك إذا اختلفت الامّة على قولين ، يتخير الفقيه المتأخر بين أن يعمل بهذا القول أو بذاك القول ، (انتهى) كلام الشيخ في بيان المذهبين.
(ثم فرّع على القول الأوّل) وهو : سقوط القولين والتمسك بمقتضى العقل (جواز اتفاقهم) أي : العلماء الذين اختلفوا على قولين (بعد الاختلاف) ذلك ان يتفقوا (على قول واحد) سواء كان ذلك القول الواحد أحد القولين أو قول ثالث ، وذلك لأنّ العمل بحكم العقل والقاعدة انّما هو حكم ظاهري في مقابل الجهل بصحة أحد القولين ، فاذا ظهر صحة أحد القولين وفساد القول الآخر ، رجع إلى قول واحد وتحقق الاجماع البسيط حينئذ بعد ما كان الاجماع المركب على نفي القول الثالث حين كان في المسألة قولان.
(و) فرّع (على القول الثاني) وهو : القول بالتخيير في العمل بأيّ من القولين (عدم جواز ذلك) أي : عدم جواز اتفاقهم على قول واحد بعد اختلافهم على قولين (معللا : بأنّه يلزم من ذلك) أي : من الاتفاق على قول واحد بعد اختلافهم
__________________
(١) ـ عدّة الاصول : ص ٢٥٠.