بظاهر ما دلّ على وجوب التوقّف عند الشبهة ، فانّ الظاهر من التوقّف ترك الدخول في الشبهة ، وبأنّ دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة ،
______________________________________________________
بالحرمة أو الوجوب ، كان مقتضى الاحتياط اللازم عند الشك في المكلّف به هو الأخذ بالحرمة ، وذلك لأنّ كفاية الحرمة يقينية ، وكفاية التخيير مشكوكة ، فاذا أخذ بالحرمة ، أخذ امّا بالمعيّن وامّا بأحد شقّي المخيّر ، وامّا إذا اخذ بالوجوب ، فلا يعلم انّه أخذ بما هو تكليفه قطعا.
إذن : فهو كالمريض اذا علم بأنّ المرهم الفلاني دواء جرحه قطعا ، واحتمل ان غيره أيضا دوائه ، فان العقل لا يسمح له بالرجوع من الأوّل إلى الثاني ، وكالسائق اذا علم بأن الشمال طريق إلى مقصده قطعا ، واحتمل ان الشرق يوصله إلى مقصده أيضا ، فانّ العقل يرى لزوم سلوك الشمال لا الشرق ، إلى غير ذلك من موارد دوران الأمر بين التعيين والتخيير.
والثاني : ما أشار اليه (بظاهر ما دلّ على وجوب التوقف عند الشبهة) مثل قوله عليهالسلام : «فانّ الوقوف عند الشّبهة خير من الاقتحام في الهلكة» (١) (فانّ الظاهر من التوقف : ترك الدّخول في الشبهة) ومعنى ترك الدخول : عدم العمل ، وعدم العمل يساوق التحريم.
(و) الثالث : ما ذكره بقوله : (بأنّ دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة) فان ما يدور أمره بين الوجوب والتحريم إذا كان واجبا كان فيه منفعة ، وإذا كان حراما كان فيه مفسدة ، فاذا كان دفع المفسدة أولى كان معناه : العمل على طبق التحريم.
__________________
(١) ـ كرواية الزهري والسكوني وعبد الأعلى انظر الكافي (اصول) : ج ١ ص ٥٠ ح ٩ ، المحاسن : ص ٢١٥ ح ١٠٢ ، وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١٥٥ ب ١٢ ح ٣٣٤٦٥ وج ٢٧ ص ١٧١ ب ١٢ ح ٣٣٥٢٠ وكذا رواية مسعدة بن زياد انظر تهذيب الاحكام : ج ٧ ص ٤٧٤ ب ٣٦ ح ١١٢ ووسائل الشيعة : ج ٢٠ ص ٢٥٩ ب ١٥٧ ح ٢٥٥٧٣ وج ٢٧ ص ١٥٩ ب ١٢ ح ٣٣٤٧٨.