وبما ذكر يبطل قياس ما نحن فيه على دوران الأمر بين فوت المنفعة الدنيويّة وترتّب المضرّة الدنيويّة ، فانّ فوات النفع من حيث هو نفع لا يوجب ضررا.
وأمّا الاخبار الدالّة على التوقّف ، فظاهرة فيما
______________________________________________________
(وبما ذكر) : من ان فوت الواجب فيه مفسدة أيضا لا فوات منفعة فقط (يبطل قياس ما نحن فيه) من دوران الأمر بين المحذورين (على دوران الأمر بين فوت المنفعة الدنيويّة وترتب المضرّة الدنيويّة) كما إذا كان في شرب السكنجبين مثلا احتمالان : الأوّل : احتمال عدم النفع لو ترك شربه ، بأن لا يصل التارك لشربه إلى مصلحة النشاط في بدنه.
الثاني : احتمال الضرر لو شربه بأن يتعرّض بسبب شربه للحمى ـ مثلا ـ.
هذا ، والعقلاء في مثل هذا المثال يتركون الشرب لرفع احتمال الضرر يعني : انهم يقدمون خوف الضرر على خوف فوات المصلحة ، والذي يقيس ما نحن فيه من دوران الأمر بين الواجب والحرام بهذا المثال يقول : انه يلزم تقديم الترك على الفعل كما في المثال ، لكنه كما عرفت انه قياس باطل.
وانّما يكون هذا القياس باطلا لما قال : (فانّ فوات النّفع من حيث هو نفع لا يوجب ضررا) بينما قد عرفت : ان فوات مصلحة الواجب يوجب الضرر أيضا ، فيدور الأمر بين ضررين : ضرر ترك الواجب ، وضرر فعل الحرام ، بينما في المثال لا يدور الأمر بين ضررين وإنّما يدور بين ضرر وترك نفع.
(وأمّا الأخبار الدّالة على التوقّف) وهو الدليل الثاني لمن قدم الحرام على الواجب فيما دار الأمر بين المحذورين (ف) انها لا تشمل موارد دوران الأمر بين المحذورين ، إذ هي (ظاهرة فيما) دار الأمر فيه بين الحرمة وغير الوجوب ،