لأنّها كما عرفت ممّا يمنع عنها العقل والنقل ، خصوصا اذا قصد من ارتكاب المشتبهين التوصّل إلى الحرام ، وهذا ممّا لا تأمّل فيه ومن يظهر منه جواز الارتكاب فالظاهر : أنّه قصد غير هذه الصورة.
ومنه يظهر : ان إلزام ـ القائل بالجواز ـ بأنّ تجويز ذلك يفضي إلى إمكان التوصل إلى فعل جميع المحرّمات على وجه مباح ، بأن يجمع بين الحلال والحرام المعلومين
______________________________________________________
(وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) (١) وغيره من أدلة المحرمات ، فان كل هذه الموارد ، استثناء من الأدلة الأوّلية ، أما استثناء شرعي أولا وبالذات ، وأمّا استثناء عرفي قرّر الشارع ذلك الاستثناء (لأنّها كما عرفت ممّا يمنع عنها العقل) فانّ المخالفة القطعية ممنوعة في العقل (و) في (النقل) من الأدلة الأولية الدالة على لزوم الاجتناب عن المحرمات (خصوصا اذا قصد من ارتكاب المشتبهين التوصّل إلى الحرام ، وهذا) قطعي التحريم ، و(ممّا لا تأمل فيه) من أحد.
(و) أما (من يظهر منه جواز الارتكاب) للمشتبهين تدريجا (فالظاهر : أنّه قصد غير هذه الصورة) أي : صورة قصده ارتكاب المشتبهين للتوصل إلى الحرام.
(ومنه) أي : من أنّ حرمة المخالفة مع القصد المذكور اتفاقي بين الأصحاب ، وان من يظهر منه جواز الارتكاب لا يقصد هذه الصورة (يظهر : ان إلزام القائل بالجواز) أي : من يقول بجواز ارتكاب المشتبهين تدريجا (بأنّ تجويز ذلك) الخلاف التدريجي (يفضي) وينتهي (إلى إمكان التوصل إلى فعل جميع المحرّمات على وجه مباح) وذلك (بأن يجمع بين الحلال والحرام المعلومين
__________________
(١) ـ سورة البقرة : الآية ١٨٨.