مأدبة فأسرعت إليها تستطاب لك الألوان ، وتنقل إليك الجفان (١).
وما ظننت أنّك تجيب إلى طعام قوم ، عائلهم (٢) مجفوّ (٣) ، وغنيّهم مدعوّ.
فانظر إلى ما تقضمه من هذا المقضم (٤) ، فما اشتبه عليك علمه فالفظه (٥) ، وما أيقنت بطيب وجوهه فنل منه.
ألا وإنّ لكلّ مأموم إماما ، يقتدي به ويستضيء بنور علمه ؛ ألا وإنّ إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه (٦) ، ومن طعمه بقرصيه.
ألا وإنّكم لا تقدرون على ذلك ، ولكن أعينوني بورع واجتهاد ، وعفّة وسداد.
فو الله! ما كنزت من دنياكم تبرا (٧) ، ولا ادّخرت من غنائمها وفرا (٨) ، ولا أعددت لبالي ثوبي طمرا ، ولا حزت من أرضها شبرا ، ولا أخذت منه إلاّ كقوت أتان دبرة ، ولهي في عيني أوهى وأهون من عفصة (٩)
__________________
(١) الجفان : جمع جفنة ، وهي القصعة.
(٢) العائل : الفقير المحتاج.
(٣) المجفو : المعرض عنه.
(٤) المقضم : المأكول.
(٥) الفظه : أي اطرحه.
(٦) الطمر : الثوب الخلق.
(٧) التبر : فتات الذهب والفضّة قبل صياغتها.
(٨) الوفر : المال.
(٩) العفصة : هو السائل الذي يكون على شجرة البلوط ، وهو مرّ.