كتبا تركن
غنيّهم ذا عيلة |
|
بعد الغنى
وفقيرهم مهزولا |
فتركت قومي
يقسمون امورهم |
|
إليك أم
يتربّصون قليلا (١) |
أرأيتم هذا الشعر الطافح بالأسى والألم على ما أصاب الراعي وقومه من صنوف العذاب والفقر الذي صبّه الولاة والعمّال عليهم فإنّهم لم يتركوا لهم لعظامهم لحما إلاّ نهشوه ولا عظما إلاّ هشّموه.
وقد استمرّ جور العمّال حتى في عهد عمر بن عبد العزيز الذي هو أشرف ملك في بني اميّة فإنّ عمّاله لم يألوا جهدا في النهب والسلب ، وقد خاطبه كعب الأشعري بهذه الأبيات :
إن كنت تحفظ ما
يليك فإنّما |
|
عمّال أرضك
بالبلاد ذئاب |
لن يستجيبوا
للّذي تدعو له |
|
حتّى تجلّد
بالسّيوف رقاب |
بأكفّ منصلتين
أهل بصائر |
|
في وقعهنّ مزاجر
وعقاب (٢) |
وكان عمر على المنبر يخطب فانبرى إليه رجل فقطع خطابه وقال له :
إنّ الّذين بعثت
في أقطارها |
|
نبذوا كتابك ،
واستحلّ المحرم |
طلس الثّياب على
منابر أرضنا |
|
كلّ يجور وكلّهم
يتظلّم |
وأردت أن يلي
الأمانة منهم |
|
عدل وهيهات
الأمين المسلم (٣) |
لقد امتحن المسلمون امتحانا عسيرا وارهقوا إرهاقا شديدا من الجباة الذين لا يرجون لله وقارا ، فنهبوا واستحلّوا أموال المسلمين بغير حقّ.
__________________
(١) طبقات فحول الشعراء : ٤٣٩. جمهرة أشعار العرب : ٤٣.
(٢) البيان والتبيان ٣ : ٣٠٨.
(٣) المصدر السابق ٣ : ٣٥٩.