فإنّ ذلك من أوثق فرص الشّيطان في نفسه ليمحق ما يكون من إحسان المحسنين.
وإيّاك والمنّ على رعيّتك بإحسانك ، أو التّزيّد فيما كان من فعلك ، أو أن تعدهم فتتبع موعدك بخلفك ، فإنّ المنّ يبطل الإحسان ، والتّزيّد يذهب بنور الحقّ ، والخلف يوجب المقت عند الله والنّاس. قال الله تعالى : ( كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ ).
حفل هذا المقطع بمعالي التربية الأخلاقية التي يتزيّن بها الولاة وهي :
ـ النهي عن الاعجاب بالنفس الذي يقود إلى التكبّر ويلقي الشخص في شرّ عظيم.
ـ الحذر من حبّ المدح والاطراء والثناء ، فإنّه ممّا يؤدّي إلى استيلاء الشيطان وتمكّنه من إغراء الشخص حتى يفسد عليه عمله.
ـ أنّ لا يمنّ الوالي على رعيّته بما يسديه عليها من خدمات كتأسيس المشاريع الزراعية والمعامل وغير ذلك ممّا تتقدّم به البلاد ، فإنّ ذلك واجب على الولاة والمسئولين ، وليس في أدائه منّ على الرعية.
ـ أن لا يخلف الوالي ما يعد به الرعية ، فإنّ ذلك ممّا يوجب سقوط هيبته وعدم الوثوق بقوله.
١٨ ـ قال عليهالسلام :
وإيّاك والعجلة بالأمور قبل أوانها ، أو التّسقّط فيها (١) عند إمكانها ، أو اللّجاجة فيها إذا تنكّرت (٢) ، أو الوهن عنها إذا استوضحت.
__________________
(١) التسقط : التهاون.
(٢) تنكّرت : أي لم يعرف وجه الصواب فيها.